إنه يجب الأخذ بمؤدياتها عند تعذر الوصول إلى الواقع، لتنزيل مؤدياتها منزلة الواقع - بالبيان المتقدم في باب جعل الطرق والأمارات - فان التنزيل في باب الجماعة إنما يكون على تقدير اختيار الصلاة جماعة، فتكون قرائة الإمام قرائة المأموم على هذا التقدير، فلا يقتضى ذلك تعين الجماعة عند تعذر القراءة، فتأمل جيدا.
ولو فرض الشك في كل ذلك فالمرجع البراءة عن وجوب الجماعة، فعلى جميع التقادير: لو وصلت النوبة إلى الشك فلا محالة ينتهى إلى الشك في التكليف، كما لا يخفى.
هذا كله إذا كان الشك بين التعيين والتخيير في القسم الأول من أقسام الواجب التخييري (وهو ما كان التخيير فيه بجعل ابتدائي).
وإذا كان الشك بين التعيين والتخيير في القسم الثاني من أقسام الواجب التخييري (وهو ما كان التخيير فيه لأجل التزاحم) فعدم جريان البراءة عن التعيينية أوضح على كلا المسلكين، سواء قلنا: إن التخيير في باب التزاحم لأجل تقييد الإطلاق أو لأجل سقوط الخطابين المتزاحمين واستكشاف العقل حكما تخييريا، فان رجوع الشك فيه إلى الشك في المسقط في غاية الوضوح، سواء قلنا: إن صفة التعيينية وجودية أو عدمية.
فلو وقع التزاحم في إنقاذ الغريقين مثلا لعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في الإنقاذ وكان متمكنا من أحدهما فقط، فان علم بتساوي الغريقين من حيث الملاك والمصلحة التي اقتضت ايجاب الإنقاذ، فلا إشكال في التخيير في اختيار إنقاذ أحدهما.
أما على المختار: فلأن نتيجة تقييد إطلاق كل من الخطابين بصورة عدم الإتيان بمتعلق الآخر هو التخيير في إنقاذ أحدهما.
وأما على المسلك الآخر: فلأن العقل بعد سقوط الخطابين المتزاحمين يستكشف حكما تخييريا.