حجيتها لأجل كونها تفيد الظن بالحكم الشرعي.
وأنت خبير بما فيه، فان مجرد احتمال أن يكون اعتبار ظواهر الكتاب والأخبار لأجل إفادتها الظن لا يقتضى التعدي عنها إلى مطلق الظن، فان اعتبار مطلق الظن يتوقف على جريان مقدمات الانسداد، وإذا احتمل أن يكون اعتبار ظواهر الكتاب والأخبار لخصوصية فيها حينئذ لا تجرى مقدمات الانسداد مع الاعتراف بكونها وافية بمعظم الفقه، فإنها تكون متيقنة الاعتبار، فلا تصل النوبة إلى دليل الانسداد، مع أنه لو بنينا على أن أدلة حجية الظواهر والأخبار إنما تدل على حجيتها من أجل كونها تفيد الظن بالحكم الشرعي لا لخصوصية فيها - ولو لأجل تنقيح المناط القطعي - فأقصاه أن يكون الظن المطلق مما قام الدليل بالخصوص على اعتباره، فيكون حال الظن المطلق حال الظن الخاص الذي قام الدليل الخاص على اعتباره، فلا تصل النوبة إلى دليل الانسداد.
فظهر: أنه إنما تمس الحاجة إلى دليل الانسداد إذا منعنا عن حجية ظواهر الكتاب والأخبار بالخصوص، وقد عرفت: أنه لا سبيل إلى المنع عن ذلك، فدليل الانسداد فاسد من أصله. هذا كله في المقدمة الأولى.
وأما المقدمة الثانية: (وهي عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة وترك التعرض لها والاعتماد على البراءة الأصلية) فالظاهر: أن تكون ضرورية. وقد استدل عليها بوجوه ثلاثة:
الأول، الإجماع القطعي على عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة عند انسداد باب العلم والعلمي والرجوع إلى البراءة وأصالة العدم في جميع الموارد المشتبهة (1) والإجماع المدعى في المقام وإن لم يكن من الإجماع المحصل الفعلي،