فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٣٦١
وعلى ذلك يبتنى الخلاف المعروف في باب الوضوء: من أنه هل يعتبر في الوضوء مع عدم القصد إلى إحدى الغايات الواجبة أو المستحبة قصد رفع الحدث أو الكون على الطهارة؟ أو لا يعتبر قصد ذلك؟ بل يكفي مجرد قصد أفعال الوضوء من الغسلات والمسحات بقصد امتثال الأمر المتعلق بها، فان قلنا: إن المأمور به هو نفس الغسلات والمسحات، فلا يعتبر قصد رفع الحدث أو الكون على الطهارة. وإن قلنا: إن المأمور به هو الطهارة وتلك الأفعال محصلات لها، فلابد مع عدم قصد إحدى الغايات من قصد الكون على الطهارة، لأن قصد حقيقة المأمور به مما لابد منه في كل عبادة.
ومنشأ الخلاف: هو وقوع كل من التطهير والأفعال في حيز الطلب في " القرآن المجيد ".
فمن الأول: قوله تعالى: " وإن كنت جنبا فاطهروا " (1) بضميمة عدم الفرق بين الوضوء والغسل في ذلك.
ومن الثاني قوله تعالى: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم " الآية (2).
فمن قال: بأنه يعتبر في الوضوء قصد الكون على الطهارة وأنها من المسببات التوليدية للأفعال حمل الأمر بالأفعال في آية الوضوء على أن الأمر بها لأجل كونها محصلة للطهارة لا من حيث هي هي، فإنه في المسببات التوليدية يصح تعلق الأمر بكل من المسبب والسبب لكن لا بما هو هو، بل بما أنه يتولد منه المسبب، وهذا إذا كان الربط بين السبب والمسبب على وجه يكون الأمر بالسبب عين الأمر بالمسبب عرفا، كما لو أمر بالإلقاء في النار، فان الأمر به عرفا أمر بالإحراق. والظاهر أن تكون جميع الأسباب والمسببات التوليدية من هذا القبيل.

(1) سورة المائدة الآية 6 (2) سورة المائدة الآية 6
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست