فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
الشئ وصفان: أحدهما ذاتي والآخر عرضي (1) وكان منشأ الحكم هو الوصف الذاتي لكان هو المتعين بالذكر - كما عليه طريقة أهل المحاورة - فلو قال " أكرم عالما " وكان علة الإكرام هو إنسانية العالم لا عالمية الانسان، كان الكلام خارجا عن الطريقة المألوفة عند أهل المحاورة لسبق الانسانية التي هي من الأوصاف الذاتية على العالمية، فلو كان المتكلم يتكلم على طبق الطريقة المألوفة وقال " أكرم عالما " يستفاد من كلامه لا محالة أن المنشأ للإكرام هو وصف العالمية لا وصف الإنسانية، وحيث كان المذكور في الآية الشريفة هو الوصف العرضي وهو عنوان " الفاسق " فيستفاد منها أن منشأ وجوب التبين هو كون المخبر فاسقا لا كون خبره من الخبر الواحد، فإذا لم يكن المخبر فاسقا وكان عادلا، فإما أن يجب قبول خبره بلا تبين، وإما أن يرد، ولا سبيل إلى الثاني، لأنه يلزم أن يكون أسوء حالا من الفاسق، فيتعين الأول وهو المطلوب.
وبما ذكرنا في تقريب مفهوم الشرط من كون وجوب التبين شرطا للعمل لا مطلقا يظهر عدم الحاجة إلى هذه المقدمة في مفهوم الوصف أيضا، لاتحاد مفاد المفهوم والمنطوق فيهما.
هذا، ولكن يمكن الخدشة في الاستدلال على كل من تقريبي مفهوم الوصف ومفهوم الشرط.
أما مفهوم الوصف: فلما بيناه (في باب المفاهيم) من أن القضية

(1) أقول: لا إشكال في أن لازم عدم حجية قول الفاسق عدم وجود الاقتضاء في ذات الخبر المعروض لهذه الإضافة، ولازمه وجود مقتضى التبين في هذه الذات أيضا، إذ يكفي في مقتضى التبين عدم اقتضاء خبره للحجية، وحينئذ لازم تقدم رتبة الذات على العرض نسبة وجوب التبين إلى الذات التي هي المعروض هذا العرض، لا إلى نفس العرض، وحينئذ الانتقال من نسبة التبين إلى الذات المعروض إلى عرضه ليس من باب عدم الاقتضاء في الذات المزبور كي بهذا التقريب يثبت حصر مقتضى التبين بالفاسق، بل عمدة النكتة في الانتقال من الذات إلى العرض دعوى تخصيص مقتضى التبين وحصره بالإضافة إلى عرض آخر من إضافة الخبر إلى العادل، حيث إنه لو لم يكن حجة لكان فيه أيضا مقتضى التبين، كما لا يخفى، ومرجع ذلك إلى تقريب آخر لمفهوم الوصف غير ما ذكر، كما لا يخفى.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست