فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٨
فقدان النص. وفي حكمها ما إذا كان منشأ الشبهة إجمال النص أو تعارض النصين، فان الأدلة الدالة على البراءة لا تختص بصورة فقدان النص، بل تعم صورة إجمال النص وتعارضه. وقد نسب الخلاف في ذلك إلى " صاحب الحدائق " فقال: بوجوب الاحتياط في صورة إجمال النص وتعارضه. وليس له وجه.
هذا إذا كانت الشبهة حكمية، وإن كانت الشبهة موضوعية - كما إذا علم بوجوب إكرام العالم على وجه يكون الحكم انحلاليا، وشك في بعض مصاديقه - فقد تقدم البحث عنها في الشبهة التحريمية، وعرفت: أن العلم بالكبريات الكلية ما لم يعلم انطباقها على الموارد الجزئية غير منجز للتكليف لا يستتبع استحقاق العقوبة، والظاهر إطباق الأصوليين والإخباريين على ذلك.
نعم: نسب إلى المشهور وجوب الاحتياط عند تردد الفرائض الفائتة بين الأقل والأكثر (1) ويشكل الفرق بينه وبين تردد الدين بين الأقل والأكثر، مع أن الظاهر اتفاقهم على عدم وجوب الاحتياط في الدين المردد بين الأقل والأكثر وجواز الاكتفاء بأداء القدر المتيقن وجريان البراءة عن الأكثر.
والظاهر: أن يكون نظر المشهور في مسألة قضاء الفوائت إلى القاعدة وأنها تقتضي الاحتياط، لا لأجل التعبد وقيام دليل خاص على ذلك، فيتوجه حينئذ سؤال الفرق بينها وبين مسألة الدين المردد بين الأقل والأكثر؟

(١) أقول: لا يخفى أن الشك في قضاء الفوائت تارة ناش عن عدد السنين التي مضى من عمره الذي فات فيها الصلاة أو الصوم، وأخرى ناش عن تساهله في الإتيان في الوقت أو نومه وسكره مع الجزم بمقدار سنة عمره، ثم في هذه الصورة تارة يحتمل التفاته إلى الفوت في الوقت، وأخرى يقطع بأن التفاته حدث بعد الوقت، فعلى الأخير: لا شبهة في جريان قاعدة " الوقت حائل " فيؤخذ بالمتيقن من الفوائت، كما أنه على الأول أيضا يرجع الشك فيه - مثل الدين - إلى الأقل والأكثر.
وأما في الصورة الثانية: فلا محيص من الأخذ بالأكثر من جهة الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال في وجه، ويمكن حمل كلام المشهور في قضاء الفوائت على هذه الصورة، لأن الغالب التفاتهم بعمرهم - ولو تقريبا - واحتمال الالتفات إلى الفوت قبل مضى الوقت غالبا، فتدبر. وعلى فرض الإطلاق في كلماتهم فلا محيص من ايجاب احتياط في المورد، فتدبر.
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست