إلى غير ذلك من الروايات الدالة على حسن الاحتياط ووجوبه.
ومنها: أخبار التثليث، كقوله - عليه السلام - في ذيل مقبولة عمر بن حنظلة: وإنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله تعالى وإلى رسوله - صلى الله عليه وآله - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم (1) وتقريب الاستدلال بها: هو أن " المقبولة " دلت على وجوب ترك الشاذ معللا بأنه فيه الريب، ومقتضى عموم العلة هو وجوب ترك كل ما كان فيه الريب والشك، ومنه ما هو المبحوث عنه من الشبهات التحريمية، بل مورد الرواية مختص بما كان الشك فيه لأجل احتمال الحرمة، كما يظهر من قوله - صلى الله عليه وآله - " حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك " أي بين الحلال والحرام.
فدلالة أخبار التثليث على وجوب التحرز عن الشبهات التحريمية وحرمة الاقتحام فيها أوضح من الأخبار السابقة، هذا.
والجواب أما عن الطائفة الأولى: فالأمر بالتوقف فيها لا يصلح إلا للإرشاد، ولا يمكن أن يكون أمرا مولويا يستتبع الثواب والعقاب، فان المراد من " الهلكة " في قوله - عليه السلام - " الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة " هي العقاب ولا يمكن أن يكون المراد منه العقاب الجائي من قبل مخالفة الأمر بالتوقف، لأن الظاهر أن يكون قوله - عليه السلام - ذلك لبيان الملازمة بين الاقتحام والوقوع في الهلكة، فلابد وأن تكون الهلكة مفروضة الوجود والتحقق مع قطع النظر عن الأمر بالتوقف، لتكون في البين ملازمة بين