عن إرادة والتفات، فان شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود، لأن تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنما يكون وضعا لا رفعا، والمفروض أن المكلف قد ترك الفعل عن إكراه أو نسيان فلم يصدر منه أمر وجودي قابل للرفع، ولا يمكن أن يكون عدم الشرب في المثال مرفوعا وجعله كالشرب، حتى يقال: إنه لم يتحقق مخالفة النذر فلا حنث ولا كفارة.
والحاصل: أنه فرق بين الوضع والرفع، فان الوضع يتوجه على المعدوم فيجعله موجودا ويلزمه ترتيب آثار الوجود على الموضوع، والرفع يتوجه على الموجود فيجعله معدوما ويلزمه ترتيب آثار العدم على المرفوع، فالفعل الصادر من المكلف عن نسيان أو إكراه يمكن ورود الرفع عليه وجعله كأن لم يصدر، فلا يترتب عليه آثار الوجود إن كان موافقا للتوسعة والامتنان، وأما الفعل الذي لم يصدر من المكلف وكان تاركا له عن النسيان وإكراه فلا محل للرفع فيه (1) لأن رفع المعدوم لا يمكن إلا بالوضع والجعل، و " حديث الرفع " لا يتكفل الوضع، بل مفاده الرفع.
ومن هنا يظهر: أنه لا يمكن تصحيح العبادة الفاقدة لبعض الأجزاء والشرايط لنسيان أو إكراه ونحو ذلك بحديث الرفع، فإنه لا محل لورود الرفع على السورة المنسية في الصلاة مثلا لخلو صفحة الوجود عنها، مضافا إلى أن الأثر المترتب على السورة ليس هو إلا الإجزاء وصحة العبادة، ومع الغض عن أن الإجزاء والصحة ليست من الآثار الشرعية التي تقبل الوضع والرفع لا يمكن أن يكون رفع السورة بلحاظ رفع أثر الإجزاء والصحة، فان ذلك يقتضى عدم الإجزاء وفساد العبادة، وهذا ينافي الامتنان وينتج عكس المقصود، فان