التشريع عبارة من رفع حكمه لا بتقدير في الكلام، بل معنى رفع الموضوع شرعا هو ذلك (1) فمفاد قوله - صلى الله عليه وآله - " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " - بحسب ما يقتضيه ظاهر اللفظ أولا - هو رفع نفس الخطأ والنسيان وتنزيل الصفتين منزلة العدم، فكأنه لم يقع الخطأ والنسيان خارجا، ومعنى عدم وقوع الخطأ والنسيان، هو أن الفعل الصادر على أحد الوجهين كأن لم يصدر على هذا الوجه.
وهذا المعنى بظاهره فاسد، فإنه يلزم على هذا ترتيب آثار العمد على الفعل الصادر عن خطأ أو نسيان، وذلك ينافي الامتنان والتوسعة، فلابد وأن يكون المراد من رفع الخطأ والنسيان رفع الفعل الصادر عن ذلك، يعنى جعل الفعل كالعدم وكأنه لم يصدر عن الشخص ولم يقع، لا أن الفعل وقع وحيثية صدوره عن خطأ أو نسيان لم يكن، ليلزم ترتيب آثار الصدور عن عمد عليه حتى ينافي الامتنان، بل لابد من أن يكون مفاد رفع الخطأ والنسيان رفع أصل الفعل الواقع عن نسيان أو خطأ، فتوافق مفاد رفع الخطأ والنسيان مع مفاد رفع ما استكرهوا عليه وما اضطروا إليه وما لا يطيقونه، فان المرفوع في هذه الأمور الثلاثة هو الفعل الذي وقع عن إكراه أو عن اضطرار إليه أو ما لا طاقة عليه، لا رفع صفة الإكراه والاضطرار. ومقتضى وحدة السياق والمفاد هو أن يكون المرفوع في الخطأ والنسيان ذلك، وقد عرفت: أن رفع الفعل تشريعا إنما يكون