فيه فهو افتراء، إما موضوعا، وإما حكما.
ومن السنة: قوله عليه السلام " رجل قضى بالحق وهو لا يعلم " (1) بناء على كون التوبيخ لأجل القضاء بما لا يعلم، لا لأجل التصدي للقضاء مع عدم كونه أهلا له.
ومن الإجماع: ما ادعاه الوحيد البهبهاني (قدس سره) من أن حرمة العمل بما لا يعلم من البديهيات عند العوام فضلا عن الخواص.
ومن العقل: إطباق العقلاء على تقبيح العبد وتوبيخه على تشريعه وإسناده إلى المولى ما لا يعلم أنه منه، فان ذلك تصرف في سلطنة المولى وخروج عما يقتضيه وظائف العبودية.
وبالجملة: لا إشكال ولا كلام في قبح التشريع واستتباعه استحقاق العقوبة. نعم: وقع الكلام في مسألة قبح التشريع من جهات:
الجهة الأولى: هل حكم العقل بقبح التشريع نظير حكمه بقبح المعصية مما لا تناله يد الجعل الشرعي ولا يستتبع خطابا مولويا بحرمته؟ أو أن حكمه بقبح التشريع يستتبع الحكم الشرعي بحرمته ولو بقاعدة الملازمة؟ ذهب إلى الأول المحقق الخراساني (قدس سره) وحمل ما ورد في الكتاب والسنة في هذا الباب على الإرشاد، نظير قوله تعالى: " أطيعوا الله ورسوله ".
وظاهر كلام الشيخ (قدس سره) هو الثاني، حيث استدل على حرمة التشريع بالأدلة الأربعة، وهو الأقوى، لأن الأحكام العقلية التي لا تستتبع الخطابات الشرعية إنما هي فيما إذا كانت واقعة في سلسلة معلولات الأحكام كقبح المعصية وحسن الطاعة، لا في ما إذا كانت واقعة في سلسلة علل الأحكام الراجعة إلى باب التحسين والتقبيح العقلي الناشئ عن إدراك المصالح