متعلق التكليف هو الإرادة وأخذ العلم على وجه الصفتية، وكل منهما في محل المنع، لما عرفت من أن متعلق التكليف هو الفعل الصادر عن المكلف عن إرادة على وجه تكون الإرادة فانية في المراد، ودخل العلم في الإرادة إنما يكون على وجه الطريقية والكاشفية عن المراد، لا على وجه الصفتية. مضافا إلى ما عرفت: من أن العلم في باب الإرادة يكون من مقدمات الداعي، ولا يكون موضوعا للإرادة، فدعوى اندراج المتجرى في الخطابات الأولية واضحة الفساد، مع أن هذه الدعوى لا تصلح في مثل ما إذا علم بوجوب الصلاة ولم يصل وتخلف علمه عن الواقع، فان البيان المتقدم لا يجرى في هذا القسم من التجري، كما هو واضح.
الجهة الثانية: دعوى أن صفة تعلق العلم بشئ تكون من الصفات و العناوين الطارية على ذلك الشئ المغيرة لجهة حسنه وقبحه، فيكون القطع بخمرية ماء موجبا لحدوث مفسدة في شربه تقتضي قبحه.
والإنصاف: انه ليس كذلك، فان إحراز الشئ لا يكون مغيرا لما عليه ذلك الشئ من المصلحة والمفسدة. وليس من قبيل الضرر والنفع العارض على الصدق والكذب المغير لجهة حسنه وقبحه، لوضوح أن العلم بخمرية ماء وتعلق الإحراز به لا يوجب انقلاب الماء عما هو عليه وصيرورته قبيحا، فدعوى أن الفعل المتجرى به يكون قبيحا ويستتبعه الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة، واضحة الفساد (1).