الوجه الثالث: دعوى أن الظن الحاصل من الشهرة الفتوائية أقوى من الظن الحاصل من الخبر الواحد.
وفيه: أن حجية الخبر ليس لأجل إفادته الظن، بل لأجل قيام الدليل عليه وإن كانت الحكمة في حجيته كونه مفيدا للظن نوعا.
نعم: لو قلنا باعتبار الظن المطلق كان من أحد أفراده الشهرة الفتوائية إذا حصل منها الظن، وإلا فلم يقم دليل بالخصوص على حجية الظن الحاصل من الشهرة الفتوائية.
الفصل الرابع في حجية الخبر الواحد إعلم: أن إثبات الحكم الشرعي من الخبر الواحد يتوقف على: أصل الصدور، وجهة الصدور، وعلى الظهور، وإرادة الظهور.
والمتكفل لإثبات الظهور وإرادة الظهور هو الأوضاع اللغوية، والقرائن العامة، والأصول العقلائية، وقد تقدم تفصيل ذلك كله في الفصل الأول.
والمتكفل لإثبات جهة الصدور - من كون الخبر صادرا لبيان حكم الله الواقعي لا لأجل التقية ونحوها - هو الأصول العقلائية أيضا، فان الأصل العقلائي يقتضى أن يكون جهة صدور الكلام من المتكلم لبيان المراد النفس الأمري وأن مؤداه هو المقصود، إلا أن يثبت خلافه، وعلى ذلك استقرت طريقة العقلاء واستمرت سيرتهم في محاوراتهم، ويأتي توضيح ذلك - إن شاء الله تعالى - في محله.
والمتكفل لأصل الصدور هو الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد، وهو