الأمر السابع:
قد يتوهم: أنه بعد ما كان حكم الشبهة قبل الفحص هو الاحتياط، فعلى الأصولي القائل بالبرائة إقامة الدليل على انقلاب حكم الشبهة بعد الفحص إلى البراءة والأخباري في فسحة عن ذلك.
ولكن لا يخفى عليك فساد التوهم، فان لزوم الاحتياط في الشبهات قبل الفحص إنما يكون بمناط تكون الشبهة فاقدة له بعد الفحص، فان استقلال العقل بوجوب الفحص في الشبهات إنما يكون لوجهين: أحدهما ثبوت العلم الإجمالي بوجود تكاليف إلزامية فيما بين الشبهات. ثانيهما حكم العقل بوجوب إعمال العبد ما تقتضيه وظيفته: من السؤال والفحص عن مرادات المولى وعدم الاعتماد على أصالة العدم، فان الطريقة المألوفة بين العبيد والموالي العرفية هي ذلك - وقد تقدم في بعض المباحث السابقة توضيح ذلك - وهذان الوجهان لا يجريان بعد الفحص، لانحلال العلم الإجمالي بالفحص وإعمال العبد على ما تقتضيه وظيفته، فعلى الإخباري أيضا إقامة الدليل على اتحاد حكم الشبهة قبل الفحص وبعد الفحص، كما أنه على الأصولي إقامة الدليل على البراءة.
إذا عرفت ذلك، فلنشرع فيما يتعلق بالفصل الأول من المقام الثالث من المباحث.
المبحث الأول في حكم الشك في التكليف في الشبهة التحريمية لأجل فقدان النص.
والأقوى: أنه تجرى فيه البراءة وفاقا لقاطبة الأصوليين خلافا لقاطبة