التفصيلي، كما هو مفاد الأصول الجارية في وادى الفراغ، فما ظنك بالعلم الإجمالي؟ وقد أشبعنا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في مبحث الاشتغال، فراجع.
الأمر الثالث:
الأصول المتكفلة للتنزيل كالاستصحاب لا تجرى في أطراف العلم الإجمالي مطلقا لزم منها المخالفة العملية أو لم يلزم، فلا يجرى استصحاب النجاسة في كل واحد من الإنائين اللذين علم إجمالا بطهارة أحدهما مع سبق النجاسة في كل منهما، كما لا يجرى استصحاب الطهارة فيهما مع العلم بنجاسة أحدهما وسبق الطهارة في كل منهما، مع أنه لا يلزم من جريان الاستصحابين في الفرض الأول مخالفة عملية للتكليف المعلوم بالإجمال، لإن التعبد ببقاء الواقع في كل من الإنائين ينافي العلم بعدم بقائه في واحد منهما. وهذا بخلاف الأصول الغير المتكفلة للتنزيل - كأصالة البراءة والحل والاحتياط - فان جريانها في أطراف العلم الإجمالي يدور مدار لزوم المخالفة العملية وعدمه، فإن لم يلزم من جريانها مخالفة عملية تجرى ويلزم العمل على مقتضاها، وقد ذكرنا تفصيل الكلام في ذلك بأمثلته في خاتمة الاستصحاب.
الأمر الرابع:
المانع من جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي ليس قصور أدلة اعتبارها وعدم شمولها للشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي كما توهم، لوضوح أن ذلك على تقدير تسليمه يختص ببعض أخبار الاستصحاب مما اشتمل على لزوم نقض اليقين باليقين، فان اشتماله على ذلك هو الذي أوجب توهم عدم شمول الدليل للشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي. وأما بقية أخبار الاستصحاب وأدلة سائر الأصول فليس فيها ما يقتضى توهم اختصاصها بغير الشبهة المقرونة بالعلم