المقصود بالبحث في هذا الفصل، وهو من أهم المسائل الأصولية، لما تقدم: أن الموضوع في علم الأصول ليس خصوص الأدلة الأربعة بذواتها أو بوصف دليليتها ليقع الإشكال في بعض المسائل المهمة - كمسألة حجية الخبر الواحد و كمسألة التعادل والتراجيح - من حيث عدم رجوع البحث عنها إلى البحث عن عوارض الأدلة فيحتاج إلى إتعاب النفس لإدراج البحث عنها في البحث عن عوارض الأدلة، كما أتعب الشيخ (قدس سره) نفسه الزكية في ذلك، بتقريب:
أن البحث عن حجية الخبر الواحد يرجع إلى البحث عن أن السنة - التي هي أحد الأدلة الأربعة - هل تثبت بخبر الواحد؟ أو لا تثبت به؟ فيكون بحثا عن عوارض الموضوع.
وقد أورد عليه: بأن البحث عن ثبوت الموضوع ولا ثبوته بمفاد " كان التامة " لا يرجع إلى البحث عن عوارض السنة، فان البحث عن عوارض الشئ إنما يكون بعد الفراغ عن وجوده، وإن كان المراد من الثبوت، الثبوت التعبدي بمفاد " كان الناقصة " لا الثبوت الواقعي - ليؤول البحث إلى البحث عن التعبد بالسنة المحكية بخبر الواحد - فهذا يرجع في الحقيقة إلى البحث عن عوارض الخبر لا عن عوارض السنة.
هذا، ولكن يمكن توجيه ما أفاده الشيخ (قدس سره) بما لا يرد عليه ذلك، ببيان: أن المراد من ثبوت السنة ولا ثبوتها ليس هو الثبوت الواقعي ولا ثبوته ليرجع البحث إلى البحث عن وجود الموضوع ولا وجوده، بل المراد منه هو أن البحث عن حجية الخبر يرجع إلى البحث عن أن مؤدى الخبر هل هو من السنة أو لا؟ وإن شئت قلت: إن البحث إنما هو عن انطباق السنة على مؤدى الخبر وعدم الانطباق (1) وهذا لا يرجع إلى البحث عن وجود السنة ولا