وما ورد في الدرهم الودعي: من إعطاء أحد الدرهمين عند تلف الثالث لصاحب الدرهمين وتنصيف الدرهم الآخر بين مالك الدرهم والدرهمين بالسوية - كما في رواية السكوني - لابد من حمله على صورة عدم خلط الدراهم، وإلا كان الحكم فيه التثليث.
وبالجملة: الخلط في باب الأموال يوجب الشركة وبطلان خصوصية الإفراز كما عليه الأصحاب واستفاضت به الروايات. نعم: الحكم بالشركة يختص بصورة الخلط. وأما في صورة اشتباه المالين وعدم تميز أحدهما عن الآخر بلا خلط، فالحكم فيها هو التصالح أو القرعة، وتفصيل الكلام في ذلك موكول إلى محله.
الأمر الخامس: أن لا يكون في البين ما يوجب بطلان اقتضاء العلم الإجمالي وسقوطه عن الأثر: من التحالف وحكم الحاكم والإقرار المستتبع لتنصيف المال، أو فسخ العقد المتنازع فيه.
والفرق بين هذا الأمر والأمر السابق هو أنه في الأمر السابق كان إجمال المتعلق بنفسه يوجب بطلان اقتضاء العلم الإجمالي، وفي هذا الأمر إجمال المتعلق بنفسه لا يوجب ذلك، بل لابد من تعقبه بحكم الحاكم أو التحالف أو الإقرار، فان هذه الأمور توجب تبدل موضوع الحكم، إما تبدلا واقعيا، وإما تبدلا ظاهريا.
وتفصيل ذلك: هو أنه في مورد التحالف يتبدل الموضوع واقعا، لأنه يقتضى فسخ العقد المتنازع فيه ورجوع كل من الثمن والمثمن إلى ملك مالكه قبل العقد، فيبطل اقتضاء العلم الإجمالي بانتقال أحد الثمنين أو المثمنين المتنازع فيه، بل يبطل اقتضاء العلم التفصيلي بانتقال ما لا نزاع فيه ملك مالكه، فإنه يكون حكم الفسخ بالتحالف حكم الفسخ بالخيار أو الإقالة موجبا لانتقال كل ملك إلى مالكه الأصلي.