المديون لو وجد بعض الغرماء عين ماله فله الرجوع فيها. وما هنا أحد أفراد تلك القاعدة ولا يمنع من ذلك ما وقع فيها من التصرف بالغرس والبناء، لأنها متميزة عن مال المفلس، غاية الأمر أنه يجب ابقاء مال المفلس من تلك الغروس والبنيان إلى أن يفنى بغير أجرة، لأنها وضعت بحق في ملكه. فتكون محترمة. ولا يجوز إزالتها على المشهور.
وقال الشيخ في المبسوط: يجوز إزالتها مع الأرش، وربما استدل له بظاهر الخبر بتقريب أن الغرض من الرجوع في العين استحقاق منافعها، فحيث وضع الغرس والبناء فيها بحق فطريق الجمع بين الحقين هو جواز قلعه بالأرش، فإنه على هذا الوجه لا يفوت على صاحب الأرض الانتفاع بأرضه. ولا ضرر على صاحب الغرس والبناء لأخذه الأرش، وعلى هذا ينبغي أن يجوز الابقاء بأجرة لا مجانا لأن ذلك هو مقتضى التعليل المذكور، إلا أنه لم يذكر أحد استحقاقه الأجرة لو أبقاها.
نعم هو وجه لبعض الشافعية على ما قيل: هذا في الغرس والبناء، كما وقع في عنوان المسألة، أما الزرع فإنهم صرحوا بأنه يجب على البايع بعد رجوعه في المبيع ابقاؤه بغير أجرة إلى أبان قطعه قولا واحدا قالوا: والفرق أن للزرع أمدا قريبا ينتظر فلا تعد العين معه كالتالفة، بخلاف الغرس والبناء لما فيه من طول المدة المتضمن لفوات الأرض، وأنها في حكم التالفة.
ثم إنه على القول بجواز قطع الغرس وإزالة البناء بالأرش، فالطريق إلى ذلك هو أن يقوم الغرس قائما إلى أن يفنى بغير أجرة ويقوم البناء ثابتا كذلك، ويقوم مقلوعا وينظر ما بينهما من التفاوت فهو الأرش.
وأما على تقدير القول الآخر من عدم استحقاق البايع إزالتهما، فالطريق إلى وصول كل ذي حق إلى حقه، هو أن تباع الأرض بما فيها من البناء والغرس، فلكل منهما من الثمن ما قابل ما يخصه، ويعلم ذلك بأن يقوما معا ثم تقول الأرض مشغولة بهما ما بقيا مجانا، وينسب قيمتها كذلك إلى قيمة المجموع ويؤخذ من الثمن للأرض