والرزق الكريم: العظيم الواسع.
الاعراب: قوله (فعليكم النصر) ويجوز في العربية فعليكم النصر على قولك عليك زيدا، ولم يقرأ بها.
المعنى: ثم ذكر سبحانه وتعالى حكم الكافرين فقال (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) أي: بعضهم أنصار بعض، عن ابن إسحاق، وقتادة. وقيل: معناه بعضهم أولى ببعض في الميراث، عن ابن عباس، وأبي مالك (إلا تفعلوه) وتقديره الا تفعلوا ما أمرتم به في الآية الأولى، والثانية، ومخرجه مخرج الخبر، والمراد به الأمر، وتقديره: إلا تفعلوا ما أمرتم به من التناصر والتعاون والتبرؤ من الكفار (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) على المؤمنين الذين لم يهاجروا، ويريد بالفتنة هنا:
المحنة بالميل إلى الضلال. وبالفساد الكبير: ضعف الإيمان. وقيل: إن الفتنة هي الكفر، لأن المسلمين إذا والوهم تجرؤوا على المسلمين، ودعوهم إلى الكفر، وهذا يوجب التبرء منهم، والفساد الكبير: سفك الدماء، عن الحسن. وقيل معناه: وإن لم تعلقوا التوارث بالهجرة، ولم تقطعوه بعدمها، أدى إلى فتنة في الأرض باختلاف الكلمة، وفساد عظيم بتقوية الخارج عن الجماعة، عن ابن عباس، وابن زيد.
ثم عاد سبحانه إلى ذكر المهاجرين والأنصار، ومدحهم، والثناء عليهم، فقال: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله) أي: صدقوا الله ورسوله، وهاجروا من ديارهم، وأوطانهم، يعني من مكة إلى المدينة، وجاهدوا مع ذلك في إعلاء دين الله (والذين آووا ونصروا) أي: ضموهم إليهم، ونصروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أولئك هم المؤمنون حقا) أي: أولئك الذين حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة، بخلاف من أقام بدار الشرك، وقيل معناه: إن الله حقق إيمانهم بالبشارة التي بشرهم بها، ولم يكن لمن لم يهاجر، ولم ينصر مثل هذا.
واختلفوا في أن الهجرة هل تصح في هذا الزمان أم لا؟ فقيل: لا تصح لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا هجرة بعد الفتح) ولأن الهجرة الانتقال من دار الكفر إلى دار الاسلام، وليس يقع مثل هذا في هذا الزمان، لاتساع بلاد الاسلام، إلا أن يكون نادرا لا يعتد به. وقيل: إن هجرة الأعراب إلى الأمصار باقية إلى يوم القيامة عن الحسن، والأقوى أن يكون حكم الهجرة باقيا لأن من أسلم في دار الحرب، ثم هاجر