ولايتهم) مصدر المولى، وأما في السلطان فالولاية بكسر الواو، وهي في الأخرى لغة.
اللغة: الهجرة، والمهاجرة: فراق الوطن إلى غيره من البلاد، وأصله من الهجر: ضد الوصل. والجهاد: تحمل المشاق في قتال أعداء الدين من جهده الأمر جهدا، والإيواء: ضم الانسان غيره إليه، بإنزاله عنده، وتقريبه له، آواه يؤويه إيواء وأوى يأوي أويا وأويت معناه: رجعت إلى المأوى. والولاية: عقد النصرة للموافقة في الديانة.
النزول: قيل: نزلت الآية في الميراث، وكانوا يتوارثون بالهجرة، فجعل الله الميراث للمهاجرين والأنصار، دون ذوي الأرحام، وكان الذي آمن ولم يهاجر، ولم يرث، من أجل أنه لم يهاجر، ولم ينصر، وكانوا يعملون بذلك حتى أنزل الله تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) فنسخت هذه الآية، وصار الميراث لذوي الأرحام المؤمنين، ولا يتوارث أهل ملتين، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، والسدي.
المعنى: ثم ختم سبحانه السورة بإيجاب موالاة المؤمنين، وقطع موالاة الكافرين، فقال: (إن الذين آمنوا) بالله ورسوله، وبما يجب الإيمان به (وهاجروا) من مكة إلى المدينة، (وجاهدوا) وقاتلوا العدو (بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) أي: في طاعة لله، وإعزاز دينه (والذين آووا) الرسول والمهاجرين بالمدينة أي: جعلوا لهم مأوى، وأسكنوهم منازلهم، يعني الأنصار (ونصروا) أي: ونصروهم بعد الإيواء على أعدائهم، وبذلوا المهج في نصرتهم، (أولئك بعضهم أولياء بعض) أي: هؤلاء بعضهم أولى ببعض في النصرة، وإن لم يكن بينهم قرابة من أقربائهم من الكفار. وقيل: في التوارث، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي. وقيل: في التناصر والتعاون والموالاة في الدين، عن الأصم. وقيل: في نفوذ أمان بعضهم على بعض، فإن واحدا من المسلمين لو أمن إنسانا، نفذ أمانه على سائر المسلمين (والذين آمنوا ولم يهاجروا) إلى المدينة (ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) أي: ما لكم من ميراثهم من شئ حتى يهاجروا، فحينئذ يحصل بينكم التوارث، فإن الميراث كان منقطعا في ذلك الوقت بين المهاجرين وغير المهاجرين.