الغذاء، فكلوا و (حلالا طيبا): منصوب على الحال.
المعنى: (ما كان لنبي) أي: ليس له ولا في عهد الله إليه (أن يكون له أسرى) من المشركين ليفديهم، أو يمن عليهم (حتى يثخن في الأرض) أي: حتى يبالغ في قتل المشركين وقهرهم، ليرتدع بهم من وراؤهم. وقال أبو مسلم:
الإثخان: الغلبة على البلدان، والتذليل لأهلها، يعني حتى يتمكن في الأرض (تريدون عرض الدنيا) هذا خطاب لمن دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين الذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى في أول وقته، ورغبوا في الحرب للغنيمة، قال الحسن، وابن عباس: يريد يوم بدر، ويقول أخذتم الفداء من الأسرى في أول وقعة كانت لكم من قبل أن تثخنوا في الأرض، وعرض الدنيا: مال الدنيا، لأنه بمعرض الزوال.
(والله يريد الآخرة) أي: تريدون عاجل الحظ من عرض الدنيا، والله يريد لكم ثواب الآخرة (والله عزيز) لا يغلب أنصاره، فاعملوا ما يريده منكم لينصركم (حكيم) يجري أفعاله على ما توجبه الحكمة. فصل سبحانه بين إرادة نفسه، وإرادة عباده، ولو كان ما أرادوه على ما قاله المجبرة لم يصح هذ التفصيل.
(لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) قيل في معناه أقوال أحدها: لولا ما مضى من حكم الله أن لا يعذب قوما حتى يبين لهم ما يتقون، وأنه لم يبين لكم أن لا تأخذوا الفداء، لعذبكم بأخذ الفداء، عن ابن جريج وثانيها: لولا أن الله حكم لكم إباحة الغنائم والفداء في أم الكتاب، وهو اللوح المحفوظ، لمسكم فيما استحللتم قبل الإباحة عذاب عظيم، فإن الغنائم لم تحل لأحد قبلكم، عن ابن عباس وثالثها: لولا كتاب من الله سبق، وهو القرآن، فآمنتم به، واستوجبتم بالإيمان به الغفران، لمسكم العذاب، عن الجبائي، قال: والمراد به الصغائر ورابعها: إن الكتاب الذي سبق قوله: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) والمعنى:
لولا ما كتب الله في القرآن أو في اللوح المحفوظ، أنه لا يعذبكم، والنبي بين أظهركم لعذبكم.
(فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) هذه إباحة منه سبحانه للمؤمنين، أن يأكلوا مما غنموه من أموال المشركين (واتقوا الله) باتقاء معاصيه (إن الله غفور رحيم). القصة: كان القتلى من المشركين يوم بدر سبعين، قتل منهم علي بن أبي