والميم.
المعنى: لما تقدم الأمر بقتال الكفار، عقبه سبحانه بوعد النصر، والأمر بالإعداد لقتالهم، فقال: (ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا) معناه: ولا تحسبن يا محمد أعداءك الكافرين قد سبقوا أمر الله، وأعجزوه، وأنهم قد فاتوك، فإن الله سبحانه يظفرك بهم، كما وعدك، ويظهرك عليهم. والسبق والفوت بمعنى واحد.
وقيل معناه: لا تحسبن من أفلت من هذه الحرب أنه قد يسبق إلى الحياة، عن الزجاج، والخطاب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمراد به غيره. وقيل: إنه إنما قاله تطييبا لقلبه في الهاربين، كما طيب قلبه في المقتولين والمأسورين. وعلى القراءة بالياء، فالمعنى لا يحسبن الكافرون أنفسهم سابقين، أو لا يحسبن الكافرون أنهم سابقون.
(إنهم لا يعجزون) أي: لا يعجزون الله، ولا يفوتونه حتى لا يبعثهم الله يوم القيامة عن الحسن. وقيل معناه: لا يعجزونك عن الجبائي (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) هذا أمر منه سبحانه بأن يعدوا السلاح قبل لقاء العدو، ومعناه وأعدوا للمشركين ما قدرتم عليه مما يتقوى به على القتال من الرجال وآلات الحرب.
وروى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أن القوة الرمي، وعلى هذا فيكون معناه أنه من القوة. وقيل: إن القوة اتفاق الكلمة، والثقة بالله تعالى، والرغبة في ثوابه. وقيل: القوة الحصون، عن عكرمة.
(ومن رباط الخيل) أي: ومن ربطها واقتنائها للغزو، وهي من أقوى عدد الجهاد. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ارتبطوا الخيل، فإن ظهورها لكم عز، وأجوافها كنز، وقيل: إن القوة ذكور الخيل، والرباط: الإناث منها، عن الحسن، وعكرمة (ترهبون به) أي: تخوفون بما تعدونه لهم (عدو الله وعدوكم) يعني مشركي مكة، وكفار العرب (وآخرين من دونهم) أي: وترهبون كفارا آخرين دون هؤلاء.
واختلفوا في الآخرين فقيل: إنهم بنو قريظة، عن مجاهد. وقيل: هم أهل فارس عن السدي. وقيل: هم المنافقون لا يعلم المسلمون أنهم أعداؤهم، وهم أعداؤهم، عن الحسن، وابن زيد (لا تعلمونهم) معناه: لا تعرفونهم لأنهم يصلون ويصومون، ويقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويختلطون بالمؤمنين (الله