لأصلبنكم أجمعين 124 قالوا إنا إلى ربنا منقلبون 125 وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين 126.
القراءة: قرأ حفص، عن عاصم: (آمنتم) بهمزة واحدة على الخبر، حيث كان. والباقون بهمزتين على الاستفهام إلا أن أهل الكوفة، إلا حفصا يحققون الهمزتين، وغيرهم حققوا الأولى، ولينوا الثانية، ولم يفصل أحد بين الهمزتين بألف.
الحجة: وجه الخبر فيه أنه يخبرهم بإيمانهم على وجه التقريع لهم بإيمانهم، والإنكار عليهم، ووجه الاستفهام أنه على جهة التقريع والتوبيخ أيضا. ومن حقق الهمزتين فإنه على ما يراه من تحقيقهما، والهمزة الثانية ممدودة لأن الألف المنقلبة عن الهمزة التي هي فاء من الأمن يتصل بها. ومن خفف الهمزة الثانية، فتخفيفها أن يجعلها بين بين.
اللغة: الصلب: الشد على الخشبة وغيرها، وأصله من صلابة الشئ، والقراء كلهم على تشديد اللام من التصليب. الأزهري: يقال نقمت على الرجل أنقم، ونقمت، والفصيح نقمت (1)، ابن الأعرابي: النقمة العقوبة والإنكار. قال علي بن عيسى: النقمة ضد النعمة، والفرق بين النقمة والإساءة: أن النقمة قد تكون بحق جزاء على كفر النعمة. والإساءة لا تكون إلا قبيحة. والمسئ مذموم لا محالة والإفراغ: صب ما في الإناء أجمع حتى يخلو، مشتق من الفراغ. والصبر: حبس النفس عن إظهار الجزع، والصبر على الحق عز، كما أن الصبر على الباطل ذل.
المعنى: ثم حكى سبحانه ما صدر عن فرعون عند إيمان السحرة، فقال سبحانه: (قال فرعون آمنتم به) أي: أقررتم له بالصدق من (قبل أن آذن لكم) أي: من قبل أن آمركم بإيمان، وآذن لكم في ذلك (إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها) أراد فرعون بهذا القول التلبيس على الناس، وإيهامهم أن إيمان السحرة لم يكن عن علم، ولكن لتواطؤ منهم، ليذهبوا مالكم وملككم.
وقيل: معناه: إن هذا لصنيع صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في مصر، قبل