ميكيل بن يشحب بن مدين بن إبراهيم. وأم ميكيل بنت لوط. وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وهم أصحاب الأيكة. وقال قتادة: أرسل شعيب مرتين إلى مدين مرة، وإلى أصحاب الأيكة مرة.
(قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم) قد مر تفسيره (فأوفوا الكيل والميزان) أي: أتموا ما تكيلونه على الناس بالمكيال، وما تزنونه عليهم بالميزان، ومعناه: أدوا حقوق الناس على التمام في المعاملات. (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) أي: لا تنقصوهم حقوقهم. وقال قتادة، والسدي:
البخس: الظلم، ومنه المثل (تحسبها حمقاء وهي باخس).
(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) يعني: لا تعملوا في الأرض بالمعاصي واستحلال المحارم، بعد أن أصلحها الله بالأمر والنهي، وبعثة الأنبياء، وتعريف الخلق مصالحهم. وقيل: لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا، فيهلك الله الحرث والنسل. (ذلكم) الذي أمرتكم به (خير لكم) وأعود عليكم (إن كنتم مؤمنين) أي: مصدقين بالله.
وإنما علق خيريته بالإيمان، وإن كان هو خيرا على كل حال، من حيث إن من لا يكون مؤمنا بالله، وعارفا بنبيه، لم يمكنه أن يعلم أن ذلك خير له، فكأنه قال لهم: كونوا مؤمنين لتعلموا أن ذلك خير لكم. ويمكن أن يكون المراد: لا ينفعكم إيفاء الكيل والوزن، إلا بعد أن تكونوا مؤمنين.
وقال الفراء: لم يكن لشعيب معجزة على نبوته، لأن الله تعالى لم يذكر له دلالة في القرآن، وهو غلط، لأنه لا يجوز أن يخلي الله تعالى نبيا عن معجزة. هذا وقد قال سبحانه: (قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا) فجاء بالفاء جوابا للجزاء.
ويجوز أن يكون له معجزات، وإن لم تذكر في القرآن، كما أن أكثر آيات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ومعجزاته، غير مذكورة في القرآن. ولم يوجب ذلك نفيها.
(ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) قيل في معناه أقوال أحدها أنهم كانوا يقعدون على طريق من قصد شعيبا للإيمان به، فيخوفونه بالقتل، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد. وثانيها أنهم كانوا يقطعون الطريق، فنهاهم، عن أبي هريرة، وعبد الرحمن بن زيد، ويمكن أن يكونا أرادا به أنهم كانوا يقطعون الطريق