فلو زالت البنية صلى إلى جهتها كما يصلي من هو أعلى موقفا أو اخفضن محلا منها فالقبلة محلها من تخوم الأرض إلى أعيان السماء وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ويدل عليه مضافا إلى ذلك الآية ما رواه الشيخ في اخر أبواب الزيادات (من كتاب الصلاة) في التهذيب في الموثق للطاطري عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل قال صليت فوق أبي قبيس العصر فهل يجزى والكعبة تحتي قال نعم انها قبلة من موضعها إلى السماء وفي الباب المذكور في الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن خالد بن أبي إسماعيل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة قال لا باس وفي بعض نسخ التهذيب خالد أبي إسماعيل وهو غير موثق في كتب الرجال والأصحاب صرحوا بان المصلى بمكة يجب عليه مشاهدة الكعبة لقدرته على اليقين ولو نصب محرابا أو علامة بعد المشاهدة جاز وكذا الذي نشأ بمكة وتيقن الإصابة ولو شك وجبت المعاينة بالترقي إلى موضع مرتفع ولا يكفي الاجتهاد بالعلامات لأنه عدول عن اليقين بالظن مع القدرة على اليقين ولو تعذر عليه كالمحبوس جاز وكذا من هو بنواحي الحرم وهل يكلف الصعود على الجبال ليرى الكعبة الظاهر لا إن كان فيه عسر وحرج وأوجب الشيخ والمصنف في بعض كتبهما صعود الحبل (الجبل) مع القدرة الثالث المنقول من ظاهر كلام الأصحاب ان الحجر من الكعبة وبه جزم المصنف في النهاية والمستفاد من النصوص الصحيحة خلاف ذلك ولا يجوز استقباله في الصلاة وان وجب ادخاله في الطواف فمن ذلك صحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شئ من البيت قال لا ولا قلامة ظفر ولكن إسماعيل دفن امه فيه فكره ان يوطأ فحجر عليه حجرا وفيه قبور أنبياء قال الشهيد في الذكرى وقد دل النقل على أنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل إلى أن بنت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه وكان كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله ونقل عنه صلى الله عليه وآله الاهتمام بادخاله في بناء الكعبة وبذلك احتج ابن الزبير حيث ادخله فيها ثم أخرجه الحجاج ورده إلى ما كان انتهى والنقل الذي ذكره لم اطلع في طرق الأصحاب الرابع يجب الاستقبال في فرائض الصلوات يومية كانت أو غيرها الا صلاة الخوف بالاجماع ويدل عليه مضافا إلى الاجماع الآية بمعونة ما رواه ابن بابويه في باب القبلة في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ثم استقبل القبلة بوجهك ولا نقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره واما الآية بانفرادها ففي دلالتها على العموم تأمل ولا يخفى انه لا يدل الخبر على عموم الحكم بالنسبة إلى ما عد الصلوات اليومية لدلالة غير واحد من الاخبار على أن ما فرض الله من الصلاة منحصر في الصلوات الخمس وإفادة هذا المعنى من الفريضة في الخبر غير بعيد على أن حمل المفرد المعرف باللام على الفرد المتبادر المنساق إلى الذهن غير بعيد على ما أشرنا إليه مرارا واما الآية بانفرادها فغاية ما يستفاد منها عند التأمل وجوب التولية مطلقا إما محلها وعمومها وتكررها فلا والصواب ان يستدل عليه بما دل على الشرطية كقوله صلى الله عليه وآله في صحيحة زرارة السابقة لا صلاة الا إلى القبلة ويؤيده ما رواه ابن بابويه في الصحيح في الباب المذكور عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود إلى غير ذلك من الاخبار والاستدلال بالشرطية على الوجوب انما يتم على القول بوجوب مقدمة الواجب كما هو المحقق ويدل على الوجوب ما رواه الكليني في الصحيح في باب فرض الصلاة عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة مفروضة لكن دلالتها على العموم بالنسبة إلى ما عد اليومية غير واضح كما أشرنا إليه ويدل عليه أيضا اخبار أخرى لكن اغنانا عن الاشتغال بنقلها وبيان دلالتها حصول الكفاية بما ذكرنا ويجب الاستقبال أيضا عند الذبح كما سيجئ في محله واحتضار الميت وقد مر تحقيقه ودفنه والصلاة عليه وسيجئ تحقيقه إن شاء الله تعالى ويستحب النوافل والظاهر أن ذلك اتفاقي بين الأصحاب ويدل عليه التأسي فان ذلك معلوم من فعل النبي والأئمة ولقوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي وعموم قولهم عليهم السلام (قوله عليه السلام) أفضل المجالس ما استقبل به القبلة وظاهر كلام المصنف انه يجوز صلاة النافلة في حال الحضر والاختيار إلى غير القبلة ويجوز ان يكون مراده الاستحباب مع الشرطية ويصلي اي النوافل على الراحلة (إما جواز صلاة النافلة على الراحلة) سفرا فقال المحقق ان عليه اتفاق علمائنا سواء كان السفر طويلا أو قصيرا ونقل الاتفاق عليه أيضا المصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى واما الجواز في الحضر فقد نص عليه الشيخ في المبسوط والخلاف وتبعه المتأخرون ومنعه ابن أبي عقيل والأقرب جواز التنفل على الراحلة حضرا وسفرا مع الضرورة والاختيار وكذا الماشي ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الشيخ بطريقين أحدهما من الصحاح والثاني من الضعاف لمحمد بن سنان ورواها الكليني بالطريق الثاني عن الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابة فقال نعم حيث كان توجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله انتهى الخبر كما في التهذيب وفي الكافي فقال نعم حيث ما كنت متوجها قلت استقبل القبلة إذا أردت التكبير قال لا ولكن تكبر حيث ما كان متوجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (عن الرجل يصلي راحلته قال يؤمن ايماء وليجعل السجود واخفض من الركوع قلت يصلي وهو يمشي قال نعم يؤمن ايماء وليجعل السجود اخفض من الركوع ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام) عن الصلاة في السفر وانا أمشي قال ادم ايماء واجعل السجود اخفض من الركوع ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال لي أبو جعفر عليه السلام صل صلاة الليل والوتر والركعتين في المحمل وفي الصحيح عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام اختلف أصحابنا في روايات عن أبي عبد الله عليه السلام في ركعتي الفجر فروى بعضهم ان صلهما في المحمل وروى لا تصلهما الا على الأرض فاعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك فوقع عليه السلام موسع عليك باية عملت وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان يصلي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي ولا باس ان فاتته صلاة الليل ان يقضيها بالنهار وهو يمشي يتوجه إلى القبلة ثم يمشى ويقرأ فإذا أراد ان يركع حول وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثم مشى وفي الصحيح عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان يدعو بالطهور في السفر وهو في محمله فيؤتى بالتور فيه الماء للتوضئ ثم يصلي الثماني والوتر في محمله فإذا نزل صلى الركعتين والصبح وفي الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي الحسن الأول عليه السلام في الرجل يصلي وهو على دابته في الأمصار قال لا باس وما رواه الصدوق في الصلاة في السفر والكليني والشيخ في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن الحجاج انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي النوافل في الأمصار وهو على دابته حيث ما توجهت به قال لا باس والاخبار في هذا الباب كثيرة وقد حصلت الكفاية بما أوردناه ويستحب الاستقبال بتكبيرة الاحرام بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل قال إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بعيرك وقطع ابن إدريس بوجوب الاستقبال بالتكبير ونقله عن جماعة من الأصحاب الا من شذ ويدفعه اطلاق الأخبار المتقدمة ويزيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن سيف التمار عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث قال انما فرض الله على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما شئ الا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك و في الصحيح عن صفوان الجمال قال كان أبو عبد الله عليه السلام يصلي صلاة الليل بالنهار على راحلته حيث ما توجهت به وقد اورد الشيخ هاتين الروايتين في باب نوافل الصلاة في السفر ويكفي في الركوع والسجود والايماء وليكن السجود اخفض من الركوع ولا يجب في الايماء للسجود وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه لاطلاق الأخبار المتقدمة ولقوله عليه السلام فيما رواه الشيخ في الحسن لثعلبة بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله يضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ ويومئ في النافلة ايماء
(٢١٥)