وحمل رواية علي بن جعفر على الكراهة توفيقا بين الاخبار وهل يجوز الاعتماد على شهادة العدلين ظاهر أكثر الأصحاب ذلك لكونها شهادة اعتبرها الشارع لكن في اثبات ذلك كلية اشكال واما الاعتماد على شهادة العدل الواحد فالظاهر عدم جوازه لفقد الدليل ومفهوم أية التثبت غير ناهض باثباته نعم إذا انضم إليها قرائن توجب العلم صح التعويل عليه وكان خارجا عن محل النزاع الثانية المشهور بين الأصحاب جواز التعويل على الامارات المفيدة للظن وعدم وجوب الصبر إلى حصول اليقين عند عدم التمكن من العلم بل نقل بعضهم الاجماع عليه وقال ابن الجنيد ليس للشاك يوم الغيم ولا غيره ان يصلي الا عند يقينه بالوقت وصلاته في اخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك وقال السيد المرتضى لا يصح الصلاة سواء كان جهلا أو سهوا ولابد من أن يكون جميع الصلاة واقعة في الوقت المضروب لها فان صادف شئ من اجزائها ما هو خارج الوقت لم تكن مجزئة وبهذا مفتى (افتى) محصلوا أصحابنا ومحققوهم وقد وردت روايات به وإن كان في بعض كتب أصحابنا ما يخالف ذلك من الرواية وقال ابن أبي عقيل من صلى صلاة فرض أو سنة قبل دخول وقتها فعليه الإعادة ساهيا كان أو متعمدا في اي وقت كان الا سنن الليل في السفر واستدلوا على الأول بما رواه الشيخ بطريقين في باب القبلة ويؤاخذ منهما في باب المواقيت من الزيارات في الموثق عن سماعة قال سألته عن الصلاة بالليل والنهار وإذا لم ترى الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك قيل وهذا يشمل الاجتهاد في الوقت والقبلة وفيه تأمل وبرواية أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فاذن الشمس لم تغب قال قد تم صومه ولا يقضيه وإذا جاز التعويل على الظن في الافطار جاز في الصلاة إذ لا قائل بالفرق وفيه تأمل وبصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة (ومضى صومك) وكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا وفي الدلالة تأمل وفي سند الأولتين قصور والأظهر الاستدلال عليه برواية إسماعيل بن رباح السابقة ويؤيده ما رواه الشيخ في باب الزيارات من المواقيت في الموثق عن عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له اني ربما صليت الظهر في يوم غيم (فانجلت) فوجدتني صليت حين زال النهار فقال لا تعد ولا تعده نقلها ابن إدريس من كتاب عبد الله بن بكير بأدنى تفاوت في العبارة والمشهور رجحان وإن كان طريق التردد غير منسد عنه بالكلية وروى الشيخ والكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله الفرا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل من أصحابنا ربما اشتبه الوقت علينا في يوم الغيم فقال تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديكة قلت نعم قال إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس أو قال فصله ورواية مرسلة حسين بن المختار عن رجل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني رجل مؤذن فإذا كان يوم الغيم لم اعرف الوقت قال إذا صاح الديك ثلثة أصوات ولاء فقد زالت الشمس وقد دخل وقت الصلاة وأورده ابن بابويه في الفقيه وظاهر الاعتماد وقال (ومال) إليه الشهيد في الذكرى وهو غير بعيد ونفاه المصنف في التذكرة قال الشهيد وهو محجوج في الخبرين فان انكشف فساد ظنه وقد فرغ قبل الوقت أعاد والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه انه مكلف باتيان الصلاة في وقتها ولم يحصل وموثقة أبي بصير السابقة وغيرها واما الاستدلال بما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى الغداة بليل غره من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر انه صلى بليل قال يعيد صلاته فضعيف لظهور الرواية في صورة التمكن من العلم فان دخل اي الوقت وهو متلبس بالصلاة ولو (باقي) (في) التشهد أجزأ على قول الشيخ وجماعة من الأصحاب لرواية إسماعيل بن رياح السابقة ولأنه متعبد بظنه خرج منه ما إذا لم يدرك شيئا من الوقت بالاجماع فيبقى الباقي وفيه نظر لان التعبد بالظن لا يكفي في سقوط التكليف بالصلاة في وقتها لاختلاف الامرين وقال السيد وابن الجنيد وابن أبي عقيل بوجوب الإعادة كما لو وقعت بأسرها قبل دخول الوقت واختاره المصنف في المختصر واحتج عليه بأنه مأمور بايقاع الصلاة في وقتها ولم يحصل الامتثال وهو حسن لكنه محجوج برواية إسماعيل قال المحقق ما اختاره الشيخ وجه بتقدير تسليم الرواية وما ذكره المرتضى أوجه بتقدير اطراحها وهو حسن ولو صلى قبله عامدا أو جاهلا أو ناسيا بطلت صلاته لا خفاء في الحكم المذكور ان وقعت صلاته قبل الوقت بتمامها وان دخل الوقت وهو متلبس بها فإن كان الشروع في الصلاة قبل الوقت على سبيل العمد فالبطلان واضح لأنها عبارة منهية فتكون فاسدة وقال الشيخ في النهاية من صلي الفرض قبل دخول الوقت عامدا أو ناسيا ثم علم بعد ذلك وجب عليه إعادة الصلاة فإن كان في الصلاة لم يفرغ منها بعد ثم دخل وقتها فقد أجزأت عنه ولا يجوز لاحد ان يدخل في الصلاة الا بعد حصول العلم بدخول وقتها أو يغلب على ظنه ذلك وربما حمل كلامه على أن مراده بالمتعمد الظان وهو غير بعيد جمعا بين كلاميه واما الناسي فظاهر كلام الشيخ صحة صلاته وذكر المصنف في المختصر انه منصوص كلام أبي الصلاح والظاهر من كلام ابن البراج وقال السيد المرتضى لا يصح صلاته وهو منصوص ابن أبي عقيل والظاهر من كلام ابن الجنيد على ما نقله المصنف عنهم واختاره المصنف وأكثر المتأخرين وهو أقرب لعدم حصول الامتثال ولرواية أبي بصير وغيرها والمراد بالناسي ناسي مراعاة الوقت وأطلقه في الذكرى على من (حرت) منه الصلاة حال عدم حظور الوقت بالبال ولو وقعت الناسي بتمامها في الوقت ففيه وجهان أقربهما الصحة لأنه اتى بالمأمور به فتكون مجزئة لا يقال كان الواجب عليه مراعاة الوقت ولم يحصل فلم يأت بالمأمور به على وجهه لأنا نقول وجب عليه المراعاة من باب المقدمة حال ملاحظة وجوب الاتيان في الوقت ليأتي منه الاتيان بها في الوقت على وجه الامتثال والإطاعة واما عند الذهول عن هذه المقدمة فله الاتيان بها في وقتها متقربا متمثلا من دون ملاحظة الوقت ومراعاته فلا تكون المراعاة مقدمة للفعل مطلقا واما الجاهل والمراد به الجاهل بالوقت أو بوجوب المراعاة فالمشهور بطلان صلاته والمنقول عن أبي الصلاح صحة صلاته والأول أقرب بالتقريب المتقدم ولو اتفقت صلاة الجاهل في الوقت فان قصدنا بالجاهل من علم وجوب رعاية الوقت وعرف المواقيت لكنه جاهل بالوقت لعدم مراعاته الوقت فالظاهر بطلان صلاته على القول باشتراط التقرب وقصد الامتثال في الطاعة لأنه لم يأت بها على وجه الامتثال والإطاعة نعم ان قيل بعدم اشتراط ذلك في الصحة وسقوط التعبد لم يبعد القول بالصحة ههنا وان قصدنا بالجاهل من علم وجوب رعاية الوقت لكنه غير عارف بالوقت أيضا (فالظاهر البطلان أيضا) على القول المذكور بالتقريب السابق وان قصدنا بأنه الجاهل بوجوب رعاية الوقت ففيه اشكال ورجح بعض أفاضل المتأخرين قدس سره الصحة لصدق الامتثال وقال أيضا كل من فعل ما هو في نفس الامر وان لم يعرف كونه كذلك ما لم يكن عالما بنهيه وقت الفعل حتى تؤاخذ المسائل من غير أهله بل لو لم يأخذ من أحد وظنها كذلك فإنه يصح ما فعله وكذا في الاعتقادات وان لم يأخذها عن أدلتها فإنه يكفي ما اعتقده دليلا وأوصله إلى المطلوب ولو كان تقليدا قال كذا يفهم من كلام منسوب إلى المحقق نصير الملة و الدين قدس سره العزيز قال وفي كلام (الشارح) إشارات إليه وذكر أشياء يطول الكلام بنقلها وعندي ان ما ذكره منظور فيه مخالف للقواعد المقررة العدلية وليس المقام محل تفصيله لكن أقول اجمالا ان أحد الجاهلين ان صلى في الوقت والاخر في غير الوقت فلا يخلو إما ان يستحقا العقاب أو لم يستحقا أصلا أو يستحق أحدهما
(٢٠٩)