____________________
وأما الثاني فلأنه يوجب أن يراهم كل من كان سليم الحس لكنا لا نراهم، ولو جوزنا أجساما كثيفة لا نراها لجاز أن يكون بحضرتنا جبال وتلال لا نراها، وبوقات وطبول لا نسمعها، وهو سفسطة محضة.
والجواب: أن لطفها بمعنى الشفافية أعني عدم اللون، فلا يلزم أحد الأمرين، لجواز أن يقوى الشفاف الذي لا لون له على الأعمال الشاقة ولا ينفعل بسرعة، ومع ذلك فلا نراها، ألا ترى أن الريح تدحرج الأحجار العظيمة من الشواهق، وتكسر الأشجار الباسقة، وتخرب العمارات الهائلة، مع كمال لطافتها؟ وبالجملة: فإذا أردتم باللطافة الشفافية، فنختار أنها لطيفة ولا يلزم عدم قوتها، وإن (1) أردتم بها سرعة الانفعال والانقسام ورقة القوام، فنختار أنها غير لطيفة ولا يلزم رؤيتها كالأفلاك، كيف؟ وقد يفيض عليها القادر المختار - مع لطافتها ورقتها - قوة عظيمة، فإن القوة لا تتعلق بالقوام في الرقة والغلظ، ولا بالجثة في الصغر والكبر، ألا ترى أن قوام الإنسان دون قوام الحديد والحجر، ويرى بعضهم يفتل الحديد ويكسر الحجر ويصدر منه ما لا يمكن أن يسند إلى غلظ القوام؟ ونرى الحيوانات مختلفة في القوة اختلافا ليست بحسب اختلاف القوام والجثة، كما في الأسد مع الحمار.
الثاني: لو كان لها وجود في العالم لخالطوا الناس وشوهدت منهم العداوة والصداقة وليس كذلك، وأهل التعزيم إذا تابوا من صنعتهم يكذبون أنفسهم فيما ينسبون إليهم. ومجال المنع في هذا الوجه لا يخفى ضعفه، لثبوت الاختلاط والعداوة منهم بالنسبة إلى كثيرين، قال تعالى: «وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن» (2)، «ومن الجن من يعمل بين يديه» (3).
والجواب: أن لطفها بمعنى الشفافية أعني عدم اللون، فلا يلزم أحد الأمرين، لجواز أن يقوى الشفاف الذي لا لون له على الأعمال الشاقة ولا ينفعل بسرعة، ومع ذلك فلا نراها، ألا ترى أن الريح تدحرج الأحجار العظيمة من الشواهق، وتكسر الأشجار الباسقة، وتخرب العمارات الهائلة، مع كمال لطافتها؟ وبالجملة: فإذا أردتم باللطافة الشفافية، فنختار أنها لطيفة ولا يلزم عدم قوتها، وإن (1) أردتم بها سرعة الانفعال والانقسام ورقة القوام، فنختار أنها غير لطيفة ولا يلزم رؤيتها كالأفلاك، كيف؟ وقد يفيض عليها القادر المختار - مع لطافتها ورقتها - قوة عظيمة، فإن القوة لا تتعلق بالقوام في الرقة والغلظ، ولا بالجثة في الصغر والكبر، ألا ترى أن قوام الإنسان دون قوام الحديد والحجر، ويرى بعضهم يفتل الحديد ويكسر الحجر ويصدر منه ما لا يمكن أن يسند إلى غلظ القوام؟ ونرى الحيوانات مختلفة في القوة اختلافا ليست بحسب اختلاف القوام والجثة، كما في الأسد مع الحمار.
الثاني: لو كان لها وجود في العالم لخالطوا الناس وشوهدت منهم العداوة والصداقة وليس كذلك، وأهل التعزيم إذا تابوا من صنعتهم يكذبون أنفسهم فيما ينسبون إليهم. ومجال المنع في هذا الوجه لا يخفى ضعفه، لثبوت الاختلاط والعداوة منهم بالنسبة إلى كثيرين، قال تعالى: «وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن» (2)، «ومن الجن من يعمل بين يديه» (3).