الهدي. وقالت طائفة: من وطئ قبل طواف الإفاضة فسد حجه، وهو قول ابن عمر.
وسبب الخلاف: أن للحج تحللا يشبه السلام في الصلاة وهو التحلل الأكبر وهو الإفاضة، وتحللا أصغر، وهل يشترط في إباحة الجماع تحللان أو أحدهما؟ ولا خلاف بينهم أن التحلل الأصغر الذي هو رمي الجمرة يوم النحر أنه يحل به الحاج من كل شئ حرم عليه بالحج إلا النساء والطيب والصيد، فإنهم اختلفوا فيه، والمشهور عن مالك أنه يحل له كل شئ إلا النساء والطيب، وقيل عنه: إلا النساء والطيب والصيد، لأن الظاهر من قوله:
* (وإذا حللتم فاصطادوا) * أنه التحلل الأكبر. واتفقوا أيضا على أن المعتمر يحل من عمرته إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وإن لم يكن حلق ولا قصر لثبوت الآثار في ذلك إلا خلافا شاذا. وروي عن ابن عباس أنه يحل بالطواف. وقال أبو حنيفة:
لا يحل إلا بعد الحلاق، وإن جامع قبله فسدت عمرته. واختلفوا في صفة الجماع الذي يفسد الحج وفي مقدماته، فالجمهور على أن التقاء الختانين يفسد الحج، ويحتمل من يشترطه في وجوب الطهر الانزال مع التقاء الختانين أن يشترط في الحج. واختلفوا في إنزال الماء فيما دون الفرج، فقال أبو حنيفة: لا يفسد الحج إلا الانزال في الفرج. وقال الشافعي ما يوجب الحد يفسد الحج. وقال مالك: الانزال نفسه يفسد الحج، وكذلك مقدماته من المباشرة والقبلة. واستحب الشافعي فيمن جامع دون الفرج أن يهدي. واختلفوا فيمن وطئ مرارا، فقال مالك: ليس عليه إلا هدي واحد. وقال أبو حنيفة: إن كرر الوطئ في مجلس واحد كان عليه هدي واحد، وإن كرره في مجالس كان عليه لكل وطئ هدي. وقال محمد بن الحسن: يجزيه هدي واحد، وإن كرر الوطئ ما لم يهد لوطئه الأول.
وعن الشافعي الثلاثة الأقوال، إلا أن الأشهر عنه مثل قول مالك. واختلفوا فيمن وطئ ناسيا، فسوى مالك في ذلك بين العمد والنسيان وقال الشافعي في الجديد لا كفارة عليه واختلفوا هل على المرأة هدي؟ فقال مالك: إن طاوعته فعليها هدي، وإن أكرهها فعليه هديان. وقال الشافعي: ليس عليه إلا هدي واحد كقوله في المجامع في رمضان.
وجمهور العلماء على أنهما إذا حجا من قابل تفرقا أعني الرجل والمرأة، وقيل لا يفترقان، والقول بأن لا يفترقا مروي عن بعض الصحابة والتابعين، وبه قال أبو حنيفة.
واختلف قول مالك والشافعي من أين يفترقان؟ فقال الشافعي: يفترقان من حيث أفسدا الحج، وقال مالك يفترقان من حيث أحرما، إلا أن يكونا أحرما قبل الميقات فمن آخذهما بالافتراق فسدا للذريعة وعقوبة، ومن لم يؤاخذها به فجريا على الأصل، وأنه لا يثبت حكم في هذا الباب إلا بسماع. واختلفوا في الهدي الواجب في الجماع ما هو؟