الفصل الرابع: في نصاب الغنم وقدر الواجب من ذلك وأجمعوا من هذا الباب على أن في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة، ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت على المائتين، فثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت على الثلاثمائة، ففي كل مائة شاة، وذلك عند الجمهور إلا الحسن بن صالح فإنه قال: إذا كانت الغنم ثلاثمائة شاة وشاة واحدة أن فيها أربع شياه، وإذا كانت أربعمائة شاة وشاة، ففيها خمس شياه، وروى قوله هذا عن منصور عن إبراهيم، والآثار الثابتة المرفوعة في كتاب الصدقة على ما قال الجمهور. واتفقوا على أن المعز تضم مع الغنم. واختلفوا من أي صنف منها يأخذ المصدق فقال مالك: يأخذ من الأكثر عددا، فإن استوت خير الساعي وقال أبو حنيفة بل الساعي يخير إذا اختلفت الأصناف. وقال الشافعي: يأخذ الوسط من الأصناف المختلفة لقول عمر رضي الله عنه: تعد عليهم السخلة يحملها الراعي، ولا نأخذها ولا نأخذ الأكولة، ولا الربي ولا الماخض، ولا فحل الغنم.
ونأخذ الجذعة، والثنية، وذلك عدل بين خيار المال ووسطه. وكذلك اتفق جماعة فقهاء الأمصار على أنه لا يؤخذ في الصدقة تيس، ولا هرمة، ولا ذات عوار، لثبوت ذلك في كتاب الصدقة إلا أن يرى المصدق أن ذلك خير للمساكين. واختلفوا في العمياء، وذات العلة هل تعد على صاحب المال، أم لا؟ فرأى مالك، والشافعي أن تعد وروي عن أبي حنيفة أنها لا تعد. وسبب اختلافهم: هل مطلق الاسم يتناول الأصحاء، والمرضى أم لا يتناولهما؟
واختلفوا من هذا الباب في نسل الأمهات هل تعد مع الأمهات، فيكمل النصاب بها، إذا لم تبلغ نصابا؟ فقال مالك يعتد بها وقال الشافعي وأبو حنيفة، وأبو ثور: لا يعتد بالسخال، إلا أن تكون الأمهات نصابا. وسبب اختلافهم: احتمال قول عمر رضي الله عنه إذ أمر أن تعد عليهم بالسخال، ولا يؤخذ منها شئ، فإن قوما فهموا من هذا إذا كانت الأمهات نصابا، وقوم فهموا هذا مطلقا. وأحسب أن أهل الظاهر لا يوجبون في السخال شيئا، ولا يعدون بها لو كانت الأمهات نصابا، ولو لم تكن، لان اسم الجنس لا ينطلق عليها عندهم. وأكثر الفقهاء على أن للخلطة تأثيرا في قدر الواجب من الزكاة، واختلف القائلون بذلك، هل لها تأثير في قدر النصاب، أم لا؟. وأما أبو حنيفة وأصحابه فلم يروا للخلطة تأثيرا، لا في قدر الواجب، ولا فقدر النصاب وتفسير ذلك أن مالكا، والشافعي، وأكثر فقهاء الأمصار اتفقوا على أن الخلطاء يزكون زكاة المالك الواحد. واختلفوا من ذلك في موضعين: أحدهما: في نصاب الخلطاء هل يعد نصاب مالك واحد، سواء أكان لكل واحد منهم نصاب، أولم يكن؟ أم إنما يزكون زكاة الرجل الواحد، إذا كان لكل واحد منهم نصاب؟ الثاني: في صفة الخلطة التي لها تأثير في ذلك. وأما اختلافهم أولا في هل للخلطة تأثير في النصاب، وفي الواجب، أو ليس لها تأثير؟ فسبب اختلافهم: اختلافهم في مفهوم ما ثبت في كتاب الصدقة من قوله عليه الصلاة والسلام: لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان