الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. وسبب اختلافهم: اختلاف ظنونهم في الأرجح منها، فمن غلب على ظنه رجحان حديث ما من هذه الأحاديث الثلاثة مال إليه. وقد ذهب كثير من الفقهاء إلا أن هذا كله على التخيير كالأذان، والتكبير على الجنائز، وفي العيدين، وفي غير ذلك مما تواتر نقله. وهو الصواب. والله أعلم. وقد اشترط الشافعي الصلاة على النبي (ص) في التشهد وقال: إنها فرض لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * ذهب إلى أن هذا التسليم هو التسليم من الصلاة. وذهب الجمهور إلى أنه التسليم الذي يؤتى به عقب الصلاة عليه. وذهب قوم من أهل الظاهر إلى أنه واجب أن يتعوذ المتشهد من الأربع التي جاءت في الحديث من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم ومن فتنة المسيح الدجال، ومن فتنة المحيا والممات، لأنه ثبت: أن رسول الله (ص) كان يتعوذ منها في آخر تشهده، وفي بعض طرقه: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير، فليتعوذ من أربع الحديث خرجه مسلم.
المسألة الثامنة: اختلفوا في التسليم من الصلاة، فقال الجمهور بوجوبه وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس بواجب، والذين أوجبوه منهم من قال: الواجب على المنفرد والامام تسليمة واحدة ومنهم من قال: اثنتان، فذهب الجمهور مذهب ظاهر حديث علي، وهو قوله عليه الصلاة والسلام فيه: وتحليلها التسليم ومن ذهب إلى أن الواجب من ذلك تسليمتان، فلما ثبت من أنه عليه الصلاة والسلام كان يسلم تسليمتين وذلك عند من حمل فعله على الوجوب. واختار مالك للمأموم تسليمتين، وللامام واحدة، وقد قيل عنه إن المأموم يسلم ثلاثا الواحدة للتحليل، والثانية للامام، والثالثة لمن هو عن يساره وأما أبو حنيفة فذهب إلى ما رواه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي أن عبد الرحمن بن رافع، وبكر بن سوادة حدثاه عن عبد الله بن عمروا بن العاص قال: قال رسول الله (ص): إذا جلس الرجل في آخر صلاته فأحدث قبل أن يسلم، فقد تمت صلاته قال أبو عمر بن عبد البر:
وحديث علي المتقدم أثبت عند أهل النقل، لان حديث عبد الله بن عمرو بن العاص انفرد به الإفريقي، وهو عند أهل النقل ضعيف. قال القاضي: إن كان أثبت من طريق النقل، فإنه محتمل من طريق اللفظ، وذلك أنه ليس يدل على أن الخروج من الصلاة لا يكون بغير التسليم إلا بضرب من دليل الخطاب وهو مفهوم ضعيف عند الأكثر، ولكن للجمهور أن يقولوا: إن الألف واللام التي للحصر أقوى من دليل الخطاب في كون حكم المسكوت عنه بضد حكم المنطوق به.
المسألة التاسعة: اختلفوا في القنوت، فذهب مالك إلى أن القنوت في صلاة الصبح