المسألة الأولى: اختلفوا في الايمان بالله المنعقدة هل يرفع جميعها الكفارة سواء أكان حلفا على شئ ماض أنه كان فلم يكن وهي التي تعرف باليمين الغموس، وذلك إذا تعمد الكذب، أو على شئ مستقبل أنه يكون من قبل الحالف أو من قبل من هو بسببه فلم يكن، فقال الجمهور: ليس في اليمين الغموس كفارة، وإنما الكفارة في الايمان التي تكون في المستقبل إذا خالف اليمين الحالف، وممن قال بهذا القول مالك وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل. وقال الشافعي وجماعة: يجب فيها الكفارة أي تسقط الكفارة الاثم فيها كما تسقطه في غير الغموس. وسبب اختلافهم: معارضة عموم الكتاب للأثر، وذلك أن قوله تعالى: * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين) * الآية توجب أن يكون في اليمين الغموس كفارة لكونها من الايمان المنعقدة، وقوله عليه الصلاة والسلام: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار يوجب أن اليمين الغموس ليس فيها كفارة، ولكن للشافعي أن يستثني من الايمان الغموس ما لا يقتطع بها حق الغير، وهو الذي ورد فيه النص، أو يقول: إن الايمان التي يقتطع بها حق الغير قد جمعت الظلم والحنث، فوجب ألا تكون الكفارة تهدم الامرين جميعا، أو ليس يمكن فيها أن تهدم الحنث دون الظلم لان رفع الحنث بالكفارة إنما هو من باب التوبة، وليس تتبعض التوبة في الذنب الواحد بعينه، فإن تاب ورد المظلمة وكفر سقط عنه جميع الاثم.
المسألة الثانية: واختلف العلماء فيمن قال: أنا كافر بالله أو مشرك بالله أو يهودي أو نصراني إن فعلت كذا ثم يفعل ذلك، هل عليه كفارة أم لا؟ فقال مالك والشافعي: ليس عليه كفارة ولا هذه يمين، وقال أبو حنيفة: هي يمين وعليه فيها الكفارة إذا خالف اليمين وهو قول أحمد بن حنبل أيضا. وسبب اختلافهم: هو اختلافهم في هل يجوز اليمين بكل ما له حرمة أم ليس يجوز إلا بالله فقط؟ ثم إن وقعت فهل تنعقد أم لا؟
فمن رأى أن الايمان المنعقدة: أعني التي هي بصيغ القسم إنما هي الايمان الواقعة بالله عز وجل وبأسمائه قال: لا كفارة فيها إذ ليست بيمين، ون رأى أن الايمان تنعقد بكل ما عظم الشرع حرمته قال: فيها الكفارة، لان الحلف بالتعظيم كالحلف بترك التعظيم، وذلك أنه كما يجب التعظيم يجب أن لا يترك التعظيم، فكما أن من حلف بوجوب حق الله عليه لزمه، كذلك من حلف بترك وجوبه لزمه.
المسألة الثالثة: واتفق الجمهور في الايمان التي ليست إقساما بشئ وإنما تخرج مخرج الالزام الواقع بشرط من الشروط، مثل أن يقول القائل: فإن فعلت كذا فعلي مشي إلى