الحبوب: وبين الناض، وغير الناض، فلا أعلم له شبهة بينة، وقد كان أبو عبيد يقول: إنه إن كان لا يعلم أن عليه دينا، إلا بقوله لم يصدق وإن علم أن عليه دينا لم يؤخذ منه وهذا ليس خلافا لمن يقول بإسقاط الدين الزكاة، وإنما هو خلاف لمن يقول: يصدق في الدين، كما يصدق في المال. وأما المال الذي هو في الذمة، أعني ذمة الغير، وليس هو بيد المالك، وهو الدين، فإنهم اختلفوا فيه أيضا: فقوم قالوا: لا زكاة فيه، وإن قبض حتى يستكمل شرط الزكاة عند القابض له، وهو الحول، وهو أحد قولي الشافعي وبه قال الليث، أو هو قياس قوله، وقوم قالوا: إذا قبضه زكاه لما مضى من السنين وقال مالك: يزكيه لحول واحد، وإن قام عند المديان سنين، إذا كان أصله عن عوض. وأما إذا كان عن غير عوض مثل الميراث، فإنه يستقبل به الحول، وفي المذهب تفصيل في ذلك. ومن هذا الباب اختلافهم في زكاة الثمار المحبسة الأصول، وفي زكاة الأرض المستأجرة: على من تجب زكاة ما يخرج منها، هل على صاحب الأرض أو صاحب الزرع؟ ومن ذلك اختلافهم في أرض الخراج، إذا انتقلت من أهل الخراج إلى المسلمين، وهم أهل العشر. وفي الأرض العشر، وهي أرض المسلمين، إذا انتقلت إلى الخراج، أعني أهل الذمة، وذلك أنه يشبه أن يكون سبب الخلاف في هذا كله أنها أملاك ناقصة.
أما المسألة الأولى: وهي زكاة الثمار المحبسة الأصول، فإن مالكا، والشافعي كانا يوجبان فيها الزكاة وكان مكحول، وطاووس يقولان: لا زكاة فيها وفرق قوم بين أن تكون محبسة على المساكين، وبين أن تكون على قوم بأعيانهم، فأوجبوا فيها الصدقة إذا كانت على قوم بأعيانهم، ولم يوجبوا فيها الصدقة، إذا كانت على المساكين. ولا معنى لمن أوجبها على المساكين، لأنه يجتمع في ذلك شيئان اثنان: أحدهما: أنها ملك ناقص.
والثانية: أنها على قوم غير معينين من الصنف الذين تصرف إليهم الصدقة لا من الذين تجب عليهم.
وأما المسألة الثانية: وهي الأرض المستأجرة على من تجب زكاة ما تخرجه، فإن قوما قالوا: الزكاة على صاحب الزرع. وبه قال مالك، والشافعي، والثوري، وابن المبارك وأبو ثور، وجماعة وقال أبو حنيفة، وأصحابه: الزكاة على رب الأرض، وليس على المستأجر منه شئ. والسبب في اختلافهم: هل العشر حق الأرض، أو حق الزرع، أو حق مجموعهما؟
إلا أنه لم يقل أحد إنه حق لمجموعهما، وهو في الحقيقة حق مجموعهما، فلما كان عندهم أنه حق لاحد الامرين، اختلفوا في أيهما هو أولى أن ينسب إلى الموضع الذي فيه الاتفاق، وهو كون الزرع، والأرض لمالك واحد، فذهب الجمهور إلى أنه للشئ الذي تجب فيه الزكاة، وهو الحب، وذهب أبو حنيفة إلى أنه للشئ الذي هو أصل الوجوب، وهو الأرض. وأما اختلافهم في أرض الخراج، إذا انتقلت إلى المسلمين هل فيها عشر مع الخراج أم ليس فيها عشر؟ فإن الجمهور على أن فيها العشر: أعني الزكاة وقال أبو