وسبب اختلافهم: هل النهي عن الشئ الذي أصله مباح إذا تقيد النهي بصفة، يعود بفساد المنهي عنه أم لا؟ وآداب الجمعة ثلاثة: الطيب، والسواك، واللباس الحسن، ولا خلاف فيه لورود الآثار بذلك.
الباب الرابع: في صلاة السفر وهذا الباب فيه فصلان: الفصل الأول: في القصر، الفصل الثاني: في الجمع.
الفصل الأول: في القصر والسفر له تأثير في القصر باتفاق، وفي الجمع باختلاف. أما القصر، فإنه اتفق العلماء على جواز قصر الصلاة للمسافر إلا قول شاذ وهو قول عائشة، وهو أن القصر لا يجوز إلا للخائف لقوله تعالى: * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) *. وقالوا: إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما قصر لأنه كان خائفا. واختلفوا من ذلك في خمسة مواضع:
أحدها: في حكم القصر، والثاني: في المسافة التي يجب فيها القصر، والثالث: في السفر الذي يجب فيه القصر، والرابع في الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالتقصير والخامس في مقدار الزمان الذي يجوز للمسافر فيه إذا أقام في موضع أن يقصر الصلاة. فأما حكم القصر، فإنهم اختلفوا فيه على أربعة أقوال: فمنهم من رأى أن القصر هو فرض المسافر المتعين عليه، ومنهم من رأى أن القصر والاتمام، كلاهما فرض مخير له كالخيار في واجب الكفارة، ومنهم من رأى أن القصر سنة، ومنهم من رأى أنه رخصة، وأن الاتمام أفضل.
وبالقول الأول قال أبو حنيفة، وأصحابه والكوفيون بأسرهم: أعني أنه فرض متعين وبالثاني قال بعض أصحاب الشافعي وبالثالث - أعني أنه سنة - قال مالك في أشهر الروايات عنه، وبالرابع أعني أنه رخصة قال الشافعي في أشهر الروايات عنه، وهو المنصور عند أصحابه. والسبب في اختلافهم: معارضة المعنى المعقول لصيغة اللفظ المنقول.
ومعارضة دليل الفعل أيضا للمعنى المعقول، ولصيغة اللفظ المنقول. وذلك أن المفهوم من قصر الصلاة للمسافر إنما هو الرخصة لموضع المشقة، كما رخص له في الفطر، وفي أشياء كثيرة، ويؤيد هذا حديث يعلى بن أمية قال: قلت لعمر: إنما قال الله: * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * يريد في قصر الصلاة في السفر، فقال عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله (ص) عما سألتني عنه، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته فمفهوم هذا الرخصة. وحديث أبي قلابة عن رجل من بني عامر أنه أتى النبي (ص)، فقال له النبي (ص): إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وهما في