على غير وضوء أجزأه طوافه، إن كان لا يعلم، ولا يجزئه إن كان يعلم. والشافعي يشترط طهارة ثوب الطائف كاشتراط ذلك للمصلي. وعمدة من شرط الطهارة في الطواف قوله (ص) للحائض وهي أسماء بنت عميس اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت وهو حديث صحيح. وقد يحتجون أيضا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل فيه النطق، فلا ينطق إلا بخير. وعمدة من أجاز الطواف بغير طهارة إجماع العلماء على جواز السعي بين الصفا، والمروة من غير طهارة وأنه ليس كل عبادة يشترط فيها الطهر من الحيض من شرطها الطهر من الحدث، أصله الصوم.
القول في أعداده، وأحكامه وأما أعداده، فإن العلماء أجمعوا على أن الطواف ثلاثة أنواع: طواف القدوم على مكة، وطواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر، وطواف الوداع. وأجمعوا على أن الواجب منها الذي يفوت الحج بفواته، هو طواف الإفاضة، وأنه المعني بقوله تعالى: * (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) *. وأنه لا يجزئ عنه دم.
وجمهورهم على أنه لا يجزئ طواف القدوم على مكة عن طواف الإفاضة إذا نسي طواف الإفاضة لكونه قبل يوم النحر. وقالت طائفة من أصحاب مالك: إن طواف القدوم يجزئ عن طواف الإفاضة كأنهم رأوا أن الواجب إنما هو طواف واحد، وجمهور العلماء على أن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة إن لم يكن طاف طواف الإفاضة لأنه طواف بالبيت معمول في وقت طواف الوجوب الذي هو طواف الإفاضة بخلاف طواف القدوم الذي هو قبل وقت طواف الإفاضة. وأجمعوا فيما حكاه أبو عمر بن عبد البر أن طواف القدوم والوداع من سنة الحاج إلا لخائف فوات الحج فإنه يجزئ عنه طواف الإفاضة.
واستحب جماعة من العلماء لمن عرض له هذا أن يرمل في الأشواط الثلاثة من طواف الإفاضة، على سنة طواف القدوم من الرمل، وأجمعوا على أن المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة كما أجمعوا على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم. وأجمعوا أن من تمتع بالعمرة إلى الحج أن عليه طوافين طوافا للعمرة لحله منها وطوافا للحج يوم النحر على ما في حديث عائشة المشهور. وأما المفرد للحج فليس عليه إلا طواف واحد كما قلنا يوم النحر. واختلفوا في القارن فقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور: يجزئ القارن طواف واحد وسعي واحد، وهو مذهب عبد الله بن عمر وجابر، وعمدتهم حديث عائشة المتقدم.
وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وابن أبي ليلى: على القارن طوافان وسعيان، ورووا هذا عن علي وابن مسعود لأنهما نسكان من شرط كل واحد منهما إذا انفرد طوافه وسعيه،