كتاب الصلاة الثاني ولان الصلاة التي ليست بمفروضة على الأعيان، منها ما هي سنة، ومنهما هي نفل، ومنها ما هي فرض على الكفاية، وكانت هذه الأحكام منها ما هو مق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، رأينا أن نفرد القول في واحدة، واحدة من هذه الصلوات، وهي بالجملة عشر:
ركعتا الفجر، والوتر، والنفل، وركعتا دخول المسجد، والقيام في رمضان، والكسوف، والاستسقاء، والعيدان، وسجود القرآن، فإنه صلاة، فيشتمل هذا الكتاب على عشرة أبواب. والصلاة على الميت نذكرها على حدة في باب أحكام الميت على ما جرت به عادة الفقهاء وهو الذي يترجمونه بكتا ب الجنائز.
الباب الأول: القول في الوتر واختلفوا في الوتر في خمسة مواضع: منها في حكمه، ومنها في صفته، ومنها في وقته، ومنها في القنوت فيه، ومنها في صلاته على الراحلة. أما حكمه: فقد تقدم القول فيه عند بيان عدد الصلوات المفروضة. وأما صفته: فإن مالكا رحمه الله استحب أن يوتر بثلاث يفصل بينها بسلام وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات من غير أن يفصل بينها بسلام وقال الشافعي: الوتر ركعة واحدة ولكل قول من هذه الأقوال سلف من الصحابة والتابعين. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب، وذلك أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من حديث عائشة: أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وثبت عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك، فأوتر بواحدة وخرج مسلم عن عائشة: أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، ويوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شئ إلا في آخرها وخرج أبو داود عن أبي أيوب الأنصاري أنه عليه الصلاة والسلام قال: الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بخمس، فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث، فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة، فليفعل وخرج أبو داود: أنه كان يوتر بسبع، وتسع، وخمس وخرج عن عبد الله بن قيس قال: قلت لعائشة بكم كان رسول الله (ص) يوتر؟ قالت:
كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص