قالوا: إن لم يستطع الجلوس صلى على جنبه، فإن لم يستطع على جنبه صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة على قدر طاقته، وهو الذي اختاره ابن المنذر.
الجملة الرابعة وهذه الجملة تشتمل من أفعال الصلاة على التي ليست أداء، وهذه هي إما إعادة، وإما قضاء، وإما جبر لما زاد، أو نقص بالسجود، ففي هذه الجملة إذا ثلاثة أبواب. الباب الأول: في الإعادة. الباب الثاني: في القضاء. الباب الثالث: في الجبران الذي يكون بالسجود.
الباب الأول: في الإعادة وهذا الباب الكلام فيه في الأسباب التي تقتضي الإعادة، وهي مفسدات الصلاة.
واتفقوا على أن من صلى بغير طهارة أنه يجب عليه الإعادة عمدا كان أو نسيانا، وكذلك من صلى لغير القبلة عمدا كان ذلك أو نسيانا. وبالجملة فكل من أخل بشرط من شروط صحة الصلاة وجبت عليه الإعادة وإنما يختلفون من أجل اختلافهم في الشروط المصححة.
وهاهنا مسائل تتعلق بهذا الباب خارجة عما ذكر من فروض الصلاة اختلفوا فيها فمنها أنهم اتفقوا على أن الحدث يقطع الصلاة، واختلفوا هل يقتضي الإعادة من أولها إذا كان قد ذهب منها ركعة أو ركعتان قبل طرو الحدث، أم يبنى على ما قد مضى من الصلاة؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا يبنى لا في حدث، ولا في غيره، مما يقطع الصلاة إلا في الرعاف فقط ومنهم من رأى أنه لا يبنى لا في الحدث ولا في الرعاف، وهو الشافعي وذهب الكوفيون إلى أنه يبنى في الاحداث كلها. وسبب اختلافهم: أنه لم يرد في جواز ذلك أثر عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما صح عن ابن عمر أنه رعف في الصلاة، فبنى ولم يتوضأ، فمن رأى أن هذا الفعل من الصحابي يجري مجرى التوقيف إذ ليس يمكن أن يفعل مثل هذا بقياس أجاز هذا الفعل، ومن كان عنده من هؤلاء أن الرعاف ليس بحدث أجاز البناء في الرعاف فقط، ولم يعده لغيره، وهو مذهب مالك. ومن كان عنده أنه حدث أجاز البناء في سائر الاحداث قياسا على الرعاف، ومن رأى أن مثل هذا لا يجب أن يصار إليه إلا بتوقيف من النبي عليه الصلاة والسلام، إذ قد انعقد الاجماع على أن المصلي إذا انصرف إلى غير القبلة أنه قد خرج من الصلاة، وكذلك إذا فعل فيها فعلا كثيرا لم يجز البناء لا في الحدث ولا في الرعاف.
المسألة الثانية: اختلف العلماء هل يقطع الصلاة مرور شئ بين يدي المصلي إذا صلى لغير سترة، أو مر بينه وبين السترة؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع الصلاة شئ وأنه ليس عليه إعادة، وذهبت طائفة إلى أنه يقطع الصلاة المرأة والحمار، والكلب الأسود.
وسبب هذا الخلاف: معارضة القول للفعل، وذلك أنه خرج مسلم عن أبي ذر أنه عليه الصلاة والسلام قال: يقطع الصلاة المرأة والحمار، والكلب الأسود وخرج مسلم