جندب أنه قال: كان رسول الله (ص) يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع وفيما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: أد زكاة البر. وأما القياس الذي اعتمده الجمهور، فهو أن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية، فأشبه الأجناس الثلاثة التي فيها الزكاة باتفاق، أعني الحرث، والماشية، والذهب، والفضة. وزعم الطحاوي أن زكاة العروض ثابتة عن عمر، وابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة. وبعضهم يرى أن مثل هذا هو إجماع من الصحابة، أعني إذا نقل عن واحد منهم قول، ولم ينقل عن غيره خلافه، وفيه ضعف.
الجملة الثالثة وأما معرفة النصاب في واحد واحد من هذه الأموال المزكاة، وهو المقدار الذي فيه تجب الزكاة فيما له منها نصاب، ومعرفة الواجب من ذلك أعني في عينه، وقدره، فإنا نذكر من ذلك ما اتفقوا عليه، واختلفوا فيه في جنس جنس من هذه الأجناس المتفق عليها، والمختلف فيها عند الذين اتفقوا عليه، ولنجعل هذا الكلام في ذلك في فصول: الفصل الأول: في الذهب، والفضة. الثاني: في الإبل. الثالث: في الغنم. الرابع:
في البقر. الخامس: في النبات. السادس: في العروض.
الفصل الأول: في الذهب والفضة أما المقدار الذي تجب فيه الزكاة من الفضة، فإنهم اتفقوا على أنه خمس أواق لقوله عليه الصلاة والسلام الثابت ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ما عدا المعدن من الفضة، فإنهم اختلفوا في اشتراط النصاب منه، وفي المقدار الواجب فيه، فإنهم اتفقوا على أن الواجب في ذلك هو ربع العشر: أعني في الفضة، والذهب معا ما لم يكونا خرجا من معدن. واختلفوا من هذا الباب في مواضع خمسة: أحدها: في نصاب الذهب. والثاني: هل فيهما أوقاص أم لا؟
أعني هل فوق النصاب قدر لا تزيد الزكاة بزيادته؟ والثالث: هل يضم بعضها إلى بعض في الزكاة، فيعدان كصنف واحد؟ أعني عند إقامة النصاب، أم هما صنفان مختلفان؟ والرابع: هل من شرط النصاب أن يكون المالك واحدا لا اثنين؟
الخامس: في اعتبار نصاب المعدن، وحوله، وقدر الواجب فيه.
أما المسألة الأولى: وهي اختلافهم في نصاب الذهب، فإن أكثر العلماء على أن الزكاة تجب في عشرين دينارا وزنا، كما تجب في مائتي درهم، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابهم، وأحمد، وجماعة فقها الأمصار. وقالت طائفة منهم الحسن بن أبي الحسن البصري، وأكثر أصحاب داود بعلي: ليس في الذهب شئ حتى يبلغ أربعين دينارا، ففيها ربع عشرها دينار واحد. وقالت طائفة ثالثة: ليس في الذهب زكاة حتى يبلغ صرفها مائتي درهم، أو قيمتها فإذا بلغت، ففيها ربع عشرها، كان وزن ذلك من الذهب عشرين دينارا، أو أقل، أو أكثر، هذا فيما كان منها دون الأربعين دينارا، فإذا بلغت أربعين دينارا كان