كان يفتي الحسن وفيه دليل على اختلاف نية الإمام والمأموم لكونه متما وهم مقصرون. خرجه مسلم عن جابر. والصفة السابعة: الواردة في حديث ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الامام وطائفة من الناس، فيصلي بهم ركعة، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا، فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا معه، ولا يسلمون، ويتقدم الذين لم يصلوا ، فيصلون معه ركعة، ثم ينصرف الامام وقد صلى ركعتين تتقدم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الامام، فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلت ركعتين فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم، أو ركبانا مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها. وممن قال بهذه الصفة أشهب عن مالك وجماعة. وقال أبو عمر: الحجة لمن قال بحديث ابن عمر هذا أنه ورد بنقل الأئمة أهل المدينة، وهم الحجة في النقل على من خالفهم، وهي أيضا مع هذا أشبه بالأصول، لان الطائفة الأولى والثانية لم يقضوا الركعة إلا بعد خروج رسول الله (ص) من الصلاة وهو المعروف من سنة القضاء المجتمع عليها في سائر الصلوات، وأكثر العلماء على ما جاء في هذا الحديث من أنه إذا اشتد الخوف جاز أن يصلوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، وإيماء من غير ركوع، ولا سجود. وخالف في ذلك أبو حنيفة قال: لا يصلي الخائف إلا إلى القبلة، ولا يصلي أحد في حال المسايفة. وسبب الخلاف في ذلك: مخالفة هذا الفعل للأصول، وقد رأى قوم أن هذه الصفات كلها جائزة، وأن للمكلف أن يصلي أيتها أحب، وقد قيل إن هذا الاختلاف إنما كان بحسب اختلاف المواطن.
الباب السادس من الجملة الثالثة في صلاة المريض وأجمع العلماء على أن المريض مخاطب بأداء الصلاة، وأنه يسقط عنه فرض القيام إذا لم يستطعه، ويصلي جالسا، وكذلك يسقط عنه فرض الركوع والسجود إذا لم يستطعهما أو أحدهما، ويومئ مكانهما. واختلفوا فيمن له أن يصلي جالسا، وفي هيئة الجلوس، وفي هيئة الذي لا يقدر على الجلوس، ولا على القيام، فأما من له أن يصلي جالسا، فإن قوما قالوا:
هذا الذي لا يستطيع القيام أصلا، وقوم قالوا: هو الذي يشق عليه القيام من المرض، وهو مذهب مالك. وسبب اختلافهم: هو هل يسقط فرض القيا مع المشقة، أو مع عدم القدرة؟ وليس في ذلك نص. وأما صفة الجلوس فإن قوما قالوا: يجلس متربعا: أعني الجلوس الذي هو بدل من القيام، وكره ابن مسعود الجلوس متربعا، فمن ذهب إلى التربيع فلا فرق بينه وبين جلوس التشهد، ومن كرهه فلانه ليس من جلوس الصلاة. وأما صفة صلاة الذي لا يقدر على القيام، ولا على الجلوس، فإن قوما قالوا: يصلي مضطجعا، وقوم قالوا: يصلي كيفما تيسر له وقوم قالوا: يصلي مستقبلا رجلاه إلى الكعبة، وقوم