الوجوب الوارد في القراءة في حق الامام والمنفرد فقط مصيرا إلى حديث جابر، وهو مذهب أبي حنيفة، فصار عنده حديث جابر مخصصا لقوله عليه الصلاة والسلام: واقرأ ما تيسر معك فقط لأنه لا يرى وجوب قراءة أم القرآن في الصلاة، وإنما يرى وجوب القراءة مطلقا على ما تقدم. وحديث جابر لم يروه مرفوعا إلا جابر الجعفي، ولا حجة في شئ مما ينفرد به. قال أبو عمر: وهو حديث لا يصح إلا مرفوعا عن جابر.
الفصل السابع:
في الأشياء التي إذا فسدت لها صلاة الامام يتعدى الفساد إلى المأمومين واتفقوا على أنه إذا طرأ عليه الحدث في الصلاة، فقطع، أن صلاة المأمومين ليست تفسد، واختلفوا إذا صلى بهم وهو جنب وعلموا بذلك بعد الصلاة، فقال قوم: صلاتهم صحيحة، وقال قوم: صلاتهم فاسدة، وفرق قوم بين أن يكون الامام عالما بجنابته، أو ناسيا لها، فقالوا إن كان عالما فسدت صلاتهم، وإن كان ناسيا لم تفسد صلاتهم، وبالأول قال الشافعي وبالثاني قال أبو حنيفة وبالثالث قاما لك. وسبب اختلافهم: هل صحة انعقاد صلاة المأموم مرتبطة بصحة صلاة الامام أم ليست مرتبطة؟ فمن لم يرها مرتبطة قال: صلاتهم جائزة، ومن رآها مرتبطة قال: صلاتهم فاسدة، ومن فرق بين السهو، والعمد قصد إلى ظاهر الأثر المتقدم وهو: أنه عليه الصلاة والسلام كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم أن امكثوا، فذهب ثم رجع وعلى جسمه أثر الماء. فإن ظاهر هذا أنهم بنوا على صلاتهم، والشافعي يرى أنه لو كانت الصلاة مرتبطة للزم أن يبدؤوا بالصلاة مرة ثانية.
الباب الثالث من الجملة الثالثة والكلام المحيط بقواعد هذا الباب منحصر في أربعة فصول. الفصل الأول: في وجوب الجمعة، وعلى من تجب. الثاني: في شروط الجمعة. الثالث: في أركان الجمعة. الرابع: في أحكام الجمعة.
الفصل الأول: في وجوب الجمعة ومن تجب عليه أما وجوب صلاة الجمعة على الأعيان، فهو الذي عليه الجمهور، لكونها بدلا من واجب، وهو الظهر، ولظاهر قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) *. والامر على الوجوب، ولقوله عليه الصلاة والسلام: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم وذهب قوم إلى أنها من فروض الكفاية وعن مالك رواية شاذة أنها سنة. والسبب في هذا