القول في القارن وأما القران، فهو أن يهل بالنسكين معا، أو يهل بالعمرة في أشهر الحج، ثم يردف ذلك بالحج قبل أن يهل من العمرة. واختلف أصحاب مالك في الوقت الذي يكون ذلك له فيه، فقيل ذلك له ما لم يشرع في الطواف، ولو شوطا واحدا، وقيل ما لم يطف، ويركع، ويكره بعد الطواف، وقبل الركوع، فإن فعل، لزمه، وقيل له ذلك ما بقي عليه شئ من عمل العمرة من طواف، أو سعي، ما خلا أنهم اتفقوا على أنه إذا أهل بالحج ولم يبق عليه من أفعال العمرة إلا الحلاق، فإنه ليس بقارن، والقارن الذي يلزمه هدي المتمتع، هو عند الجمهور من غير حاضري المسجد الحرام إلا ابن الماجشون من أصحاب مالك، فإن القارن من أهل مكة عنده عليه الهدي. وأما الافراد، فهو ما تعرى من هذه الصفات، وهو ألا يكون متمتعا ولا قارنا، بل أن يهل بالحج فقط. وقد اختلف العلماء أي أفضل هل الافراد، أو القران، أو التمتع؟ والسبب في اختلافهم: اختلافهم فيما فعل رسول الله (ص) من ذلك، وذلك أنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان مفردا وروي أنه تمتع وروي عنه أنه كان قارنا. فاختار مالك الافراد، واعتمد في ذلك على ما روي عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله (ص) عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج، وعمرة، وأهل رسول الله (ص) بالحج ورواه عن عائشة من طرق كثيرة. قال أبو عمر بن عبد البر: وروي الافراد عن النبي (ص) عن جابر بن عبد الله من طرق شتى متواترة صحاح، وهو قول أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعائشة، وجابر، والذين رأوا أن النبي (ص) كان متمتعا احتجوا بما رواه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال:
تمتع رسول الله (ص) في عام حجة الوداع بالعمرة إلى الحج. وأهدى، وساق الهدي معه من ذي الحليفة وهو مذهب عبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، واختلف عن عائشة في التمتع، والافراد. واعتمد من رأى أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنا أحاديث كثيرة:
منها حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله (ص) يقول وهو بوادي العقيق أتاني الليلة آت من ربي، فقال: أهل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة خرجه البخاري، وحديث مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا، وعثمان ينهى عن المتعة، وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علي أهل بهما: لبيك بعمرة، وحجة، وقال: ما كنت لأدع سنة رسول الله (ص) لقول أحد خرجه البخاري، وحديث أنس خرجه البخاري أيضا قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: لبيك عمرة، وحجة وحديث مالك بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله (ص) من كان معه هدي، فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا واحتجوا فقالوا: ومعلوم أنه كان معه