بيت الله، أو إن فعلت كذا وكذا فغلامي حر أو امرأتي طالق: أنها تلزم في القرب، وفيما إذا التزمه الانسان لزمه بالشرع مثل الطلاق والعتق، واختلفوا هل فيها كفارة أم لا؟ فذهب مالك إلى أن لا كفارة فيها، وأنه إن لم يفعل ما حلف عليه أثم ولا بد، وذهب الشافعي وأحمد وأبو عبيد وغيرهم إلى أن هذا الجنس من الايمان فيها الكفارة إلا الطلاق والعتق، وقال أبو ثور: يكفر من حلف بالعتق، وقول الشافعي مروي عن عائشة. وسبب اختلافهم:
هل هي يمين أو نذر. فمن قال إنها يمين أوجب فيها الكفارة لدخولها تحت عموم قوله تعالى: * (فكفارته إطعام عشرة مساكين) * الآية. ومن قال إنها من جنس النذر: أي من جنس الأشياء التي نص الشرع على أنه إذا التزمها الانسان لزمته قال: لا كفارة فيها لكن يعسر هذا على المالكية لتسميتهم إياها أيمانا، لكن لعلهم إنما سموها أيمانا على طريق التجوز والتوسع. والحق أنه ليس يجب أن تسمى بحسب الدلالة اللغوية أيمانا، فإن الايمان في لغة العرب لها صيغ مخصوصة. وإنما يقع اليمين بالأشياء التي تعظم وليست صيغة الشرط هي صيغة اليمين، فأما هل تسمى أيمانا بالعرف الشرعي وهل حكمها حكم الايمان؟ ففيه نظر، وذلك أنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال: كفارة النذر كفارة يمين وقال تعالى: * (لم تحرم ما أحل الله لك) * إلى قوله: * (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) * فظاهر هذا أنه قد سمى بالشرع القول الذي مخرجه مخرج الشرط أو مخرج الالزام دون شرط ولا يمين، فيجب أن تحمل على ذلك جميع الأقاويل التي تجري هذا المجرى إلا ما خصصه الاجماع من ذلك مثل الطلاق، فظاهر الحديث يعطي أن النذر ليس بيمين وأن حكمه حكم اليمين، وذهب داود وأهل الظاهر إلى أنه ليس يلزم من مثل هذه الأقاويل، أعني الخارجة مخرج الشرط إلا ما ألزمه الاجماع من ذلك وذلك أنها ليست بنذور فيلزم فيها النذر، ولا بأيمان فترفعها الكفارة، فلم يوجبوا على من قال: إن فعلت كذا كذا فعلي المشي إلى بيت الله مشيا ولا كفارة بخلاف ما لو قال: علي المشي إلى بيت الله لان هذا نذر باتفاق، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه لا يعصه. فسبب هذا الخلاف: في هذه الأقاويل التي تخرج مخرج الشرط هو هل هي أيمان أو نذور؟ أو ليست أيمانا ولا نذورا؟ فتأمل هذا فإنه بين إن شاء الله تعالى.
المسألة الرابعة: اختلفوا في قول القائل: أقسم أو أشهد أن كان كذا وكذا هل هو يمين أم لا؟ على ثلاثة أقوال: فقيل إنه ليس بيمين، وهو أحد قولي الشافعي، وقيل