هل هو من باب الخاص، أريد به الخاص؟ أو من باب الخاص، أريد به العام؟ وذلك أن من رأى أن المفهوم من ذلك هي صلاة العصر، والصبح فقط المنصوص عليهما، فهو عنده من باب الخاص أريد به الخاص، ومن رأى أن المفهوم من ذلك ليس هو صلاة العصر فقط، ولا الصبح، بل جميع الصلاة المفروض، فهو عنده من باب الخاص أريد به العام، وإذا كان ذلك كذلك، فليس هاهنا دليل قاطع على أن الصلوات المفروضة هي المستثناة من اسم الصلاة الفائتة، كما أنه ليس هاهنا دليل أصلا، لا قاطع، ولا غير قاطع على استثناء الزمان الخاص الوارد في أحاديث النهي من الزمان العام الوارد في أحاديث الامر دون استثناء الصلاة الخاصة المنطوق بها في أحاديث الامر من الصلاة العامة المنطوق بها في أحاديث النهي. وهذا بين، فإنه إذا تعارض حديثان في كل واحد منهما عام وخاص لم يجب أن يصار إلى تغليب أحدهما إلا بدليل: أعني استثناء خاص هذا من عام ذاك، أو خاص ذاك من عام هذا، وذلك بين، والله أعلم.
الباب الثاني: في معرفة الأذان والإقامة هذا الباب ينقسم أيضا إلى فصلين: الأول: في الأذان. والثاني: في الإقامة.
الفصل الأول هذا الفصل ينحصر الكلام فيه في خمسة أقسام. الأول: في صفته. الثاني: في حكمه.
الثالث: في وقته. الرابع: في شروطه. الخامس: فيما يقوله السامع له.
القسم الأول من الفصل الأول من الباب الثاني: في صفة الأذان اختلف العلماء في الأذان على أربع صفات مشهورة: إحداها: تثنية التكبير فيه، وتربيع الشهادتين، وباقيه مثنى، وهو مذهب أهل المدينة مالك وغيره، واختار المتأخرين من أصحاب مالك الترجيع وهو أن يثني الشهادتين أولا خفيا، ثم يثنيهما مرة ثانية مرفوع الصوت. والصفة الثانية: أذان المكيين، وبه قال الشافعي، وهو تربيع التكبير الأول والشهادتين وتثنية باقي الأذان. والصفة الثالثة: أذان الكوفيين، وهو تربيع التكبير الأول، وتثنية باقي الأذان. وبه قال أبو حنيفة. والصفة الرابعة: أذان البصريين، وهو تربيع التكبير الأول، وتثليث الشهادتين وحي على الصلاة، وحي على الفلاح، يبدأ بأشهد أن لا إله إلا الله حتى يصل إلى حي على الفلاح، ثم يعيد كذلك مرة ثانية: أعني الأربع كلمات تبعا، ثم يعيدهن ثالثة، وبه قال الحسن البصري، وابن سيرين. السبب في اختلاف كل واحد من هؤلاء الأربع: فرق اختلاف الآثار في ذلك، واختلاف اتصال العمل عند كل واحد منهم، وذلك أن المدنيين يحتجون لمذهبهم بالعمل المتصل بذلك في المدينة، والمكيون كذلك أيضا يحتجون بالعمل المتصل عندهم بذاك، وكذلك الكوفيون والبصريون، ولكل واحد منهم آثار تشهد لقوله. أما تثنية التكبير في أوله على مذهب أهل الحجاز، فروي من طرق