امرأة مقتولة: ما كانت هذه لتقاتل واختلفوا في أهل الصوامع المنتزعين عن الناس والعميان والزمني والشيوخ الذين لا يقاتلون والمعتوه والحراث والعسيف، فقال مالك: لا يقتل الأعمى ولا المعتوه ولا أصحاب الصوامع، ويترك لهم من أموالهم بقدر ما يعيشون به، وكذلك لا يقتل الشيخ الفاني عنده، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقال الثوري والأوزاعي:
لا تقتل الشيوخ فقط. وقال الأوزاعي: لا تقتل الحراث. وقال الشافعي في الأصح عنه: تقتل جميع هذه الأصناف. والسبب في اختلافهم: معارضة بعض الآثار بخصوصها لعموم الكتاب، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام الثابت: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث، وذلك في قوله تعالى: * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * يقتضي قتل كل مشرك راهبا كان أو غيره، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. وأما الآثار التي وردت باستبقاء هذه الأصناف، فمنها ما رواه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي (ص) كان إذا بعث جيوشه قال: لا تقتلوا أصحاب الصوامع ومنه أيضا ما روي عن أنس بن مالك عن النبي (ص) قال: لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا أخرجه أبو داود، ومن ذلك أيضا ما رواه مالك عن أبي بكر أنه قال: ستجدون قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فدعهم وما حبسوا أنفسهم له وفيه: ولا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ويشبه أن يكون السبب الا ملك في الاختلاف في هذه المسألة معارضة قوله تعالى: * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين) * لقوله تعالى: * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) * الآية فمن رأى أن هذه ناسخة لقوله تعالى: * (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) * لان القتال أولا إنما أبيح لمن يقاتل قال: الآية على عمومها، ومن رأى أن قوله تعالى:
* (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) * وهي محكمة وأنها تتناول هؤلاء الأصناف الذين لا يقاتلون استثناها من عموم تلك، وقد احتج الشافعي بحديث سمرة ان رسول الله (ص) قال: اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم وكأن العلة الموجبة للقتل عنده إنما هي للكفر، فوجب أن تطرد هذه العلة في جميع الكفار. وأما من ذهب إلى أنه لا يقتل الحراث، فإنه احتج في ذلك بما روي عن زيد بن وهب قال: أتانا كتاب عمر رضي