وقال أبو حنيفة: ينتظر حتى يكبر الامام، وحينئذ يكبر وهي رواية ابن القاسم عن مالك والقياس التكبير قياسا على من دخل في المفروضة، واتفق مالك، وأبو حنيفة، والشافعي على أنه يقضي ما فاته من التكبير، إلا أن أبا حنيفة يرى أن يدعو بين التكبير المقضي، ومالك والشافعي يريان أن يقضيه نسقا، وإنما اتفقوا على القضاء لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: ما أدركتم، فصلوا، وما فاتكم، فأتموا فمن رأى أن هذا العموم يتناول التكبير، والدعاء، قال: يقضي التكبير، وما فاته من الدعاء، ومن أخرج الدعاء من ذلك، إذا كان غير مؤقت قال: يقضي التكبير فقط، إذا كان هو المؤقت، فكان تخصيص الدعاء من ذلك العموم، هو من باب تخصيص العام بالقياس، فأبو حنيفة أخذ بالعموم، وهؤلاء بالخصوص.
المسألة السابعة: واختلفوا في الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الجنازة، فقال مالك: لا يصلي على القبر وقال أبو حنيفة: لا يصلي على القبر إلا الولي فقط، إذا فاتته الصلاة على الجنازة، وكان الذي صلى عليها غير وليها وقال الشافعي، وأحمد، وداود، وجماعة: يصلي على القبر من فاتته الصلاة على الجنازة واتفق القائلون بإجازة الصلاة على القبر أن من شرط ذلك حدوث الدفن، وهؤلاء اختلفوا في هذه المدة وأكثرها شهر.
وسبب اختلافهم: معارضة العمل للأثر. أما مخالفة العمل، فإن ابن القاسم قال: قلت لمالك: فالحديث الذي جاء عن النبي (ص): أنه صلى على قبر امرأة؟ قال: قد جاء هذا الحديث، وليس عليه العمل، والصلاة على القبر ثابتة باتفاق من أصحاب الحديث. قال أحمد بن حنبل: رويت الصلاة على القبر عن النبي عليه الصلاة والسلام من طرق ستة كلها حسان. وزاد بعض المحدثين ثلاثة طرق، فذلك تسع. وأما البخاري، ومسلم فرويا ذلك من طريق أبي هريرة وأما مالك فخرجه مرسلا عن أبي أمامة بن سهل وقد روى ابن وهب عن مالك مثل قول الشافعي. وأما أبو حنيفة فإنه جرى في ذلك على عادته فيما أحسب، أعني من رد أخبار الآحاد التي تعم بها البلوى، إذا لم تنتشر ولا انتشر العمل بها، وذلك أن عدم الانتشار إذا كان خبرا شأنه الانتشار قرينة توهن الخبر، وتخرجه عن غلبة الظن بصدقه إلى الشك فيه، أو إلى غلبة الظن بكذبه أو نسخه. قال القاضي: وقد تكلمنا فيما سلف من كتابنا هذا في وجه الاستدلال بالعمل، وفي هذا النوع من الاستدلال الذي يسميه الحنفية عموم البلوى، وقلنا إنها من جنس واحد.
الفصل الثاني: فيمن يصلى عليه، ومن أولى بالتقديم وأجمع أكثر أهل العلم على إجازة الصلاة على كل من قال: لا إله إلا الله وفي ذلك أثر أنه قال عليه الصلاة والسلام: صلوا على من قال لا إله إلا الله وسواء كان من أهل الكبائر، أو من أهل البدع، إلا أن مالكا كره لأهل الفضل الصلاة على أهل البدع، ولم ير