وبه قال الشافعي وذهب أبو حنيفة وقوم إلى أنه محدود، فقال أبو حنيفة: هو خمسة وعشرون يوما، وقال أبو يوسف صاحبه: أحد عشر يوما، وقال الحسن البصري: عشرون يوما. وأما أكثره فقال مالك مرة: هو ستون يوما، ثم رجع عن ذلك، فقال: يسأل عن ذلك النساء، وأصحابه ثابتون على القول الأول، وبه قال الشافعي. وأكثر أهل العلم من الصحابة على أن أكثره أربعون يوما، وبه قال أبو حنيفة. وقد قيل تعتبر المرأة في ذلك أيام أشباهها من النساء، فإذا جاوزتها فهي مستحاضة، وفرق قوم بين ولادة الذكر وولادة الأنثى، فقالوا: للذكر ثلاثون يوما، وللأنثى أربعون يوما. وسبب الخلاف: عسر الوقوف على ذلك بالتجربة لاختلاف أحوال النساء في ذلك، ولأنه ليس هناك سنة يعمل عليها كالحال في اختلافهم في أيام الحيض والطهر.
المسألة الرابعة: اختلف الفقهاء قديما وحديثا هل الدم الذي ترى الحامل هو حيض أم استحاضة؟ فذهب مالك والشافعي في أصح قوليه وغيرهما إلى أن الحامل تحيض وذهب أبو حنيفة وأحمد والثوري وغيرهم إلى أن الحامل لا تحيض، وأن الدم الظاهر لها دم فساد، وعلة إلا أن يصيبها الطلق، فإنهم أجمعوا على أنه دم نفاس، وأن حكمه حكم الحيض في منعه الصلاة وغير ذلك من أحكامه. ولمالك وأصحابه في معرفة انتقال الحائض الحامل إذا تمادى بها الدم من حكم الحيض إلى حكم الاستحاضة أقوال مضطربة. أحدها: أن حكمها حكم الحائض نفسها أعني إما أن تقعد أكثر أيام الحيض ثم هي مستحاضة، وإما أن تستظهر على أيامها المعتادة بثلاثة أيام ما لم يكن مجموع ذلك أكثر من خمسة عشر يوما. وقيل: إنها تقعد حائضا ضعف أكثر أيام الحيض. وقيل: إنها تضعف أكثر أيام الحيض بعدد الشهور التي مرت لها، ففي الشهر الثاني من حملها تضعف أيام أكثر الحيض مرتين، وفي الثالث ثلاث مرات، وفي الرابع أربع مرات، وكذلك ما زادت الأشهر. وسبب اختلافهم في ذلك: عسر الوقوف على ذلك بالتجربة واختلاط الامرين، فإنه مرة يكون الدم الذي تراه الحامل دم حيض، وذلك إذا كانت قوة المرأة وافرة والجنين صغيرا، وبذلك أمكن أن يكون حمل على حمل، على ما حكاه بقراط، وجالينوس وسائر الأطباء، ومرة يكون الدم الذي تراه الحامل لضعف الجنين، ومرضه التابع لضعفها ومرضها في الأكثر، فيكون دم علة ومرض، وهو في الأكثر دم علة المسألة الخامسة: اختلف الفقهاء في الصفرة والكدرة هل هي حيض أم لا؟ فرات جماعة أنها حيض في أيام الحيض، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وروي مثل ذلك عن مالك وفي المدونة عنه: أن الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض، وفي غير أيام الحيض، رأت ذلك مع الدم، أو لم تره. وقال داود وأبو يوسف: إن الصفرة والكدرة لا تكون