صحاح عن أبي محذورة، وعبد الله بن زيد الأنصاري، وتربيعه أيضا عن أبي محذورة من طرق أخر، وعن عبد البن زيد. قال الشافعي: وهي زيادات يجب قبولها مع اتصال العمل بذلك بمكة، وأما الترجيع الذي اختاره المتأخرون من أصحاب مالك، فروي من طريق أبي قدامة. قال أبو عمر: وأبو قدامة عندهم ضعيف. وأما الكوفيون فبحديث أبي ليلى، وفيه: أن عبد الله بن زيد رأى في المنام رجلا قام على خرم حائط، وعليه بردان أخضران، فأذن مثنى، وأقام مثنى، وأنه أخبر بذلك رسول الله (ص) فقام بلال، فأذن مثنى، وأقام مثنى والذي خرجه البخاري في هذا الباب إنما هو من حديث أنس فقط وهو: أن بلالا أمر أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، إلا قد قامت الصلاة، فإنه يثنيها وخرج مسلم عن أبي محذورة على صفة أذان الحجازيين. ولمكان هذا التعارض الذي ورد في الأذان، رأى أحمد بن حنبل وداود أن هذه لا على إيجاب واحدة منها، وأن الانسان مخير فيها. واختلفوا في قول المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم هل يقال فيها أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقال ذلك فيها وقال آخرون: إنه لا يقال لأنه ليس من الأذان المسنون، وبه قال الشافعي. وسبب اختلافهم:
اختلافهم هل قيل ذلك في زمان النبي (ص)؟ أو إنما قيل في زمان عمر؟
القسم الثاني من الفصل الأول من الباب الثاني اختلف العلماء في حكم الأذان هل واجب، أو سنة مؤكدة؟ وإن كان واجبا فهل هو من فروض الأعيان، أو من فروض الكفاية؟ فقيل عن مالك: إن الأذان هو فرض على مساجد الجماعات، وقيل سنة مؤكدة، ولم يره على المنفرد، لا فرضا، ولا سنة وقال بعض أهل الظاهر واجب على وقال بعضهم: على الجماعة، كانت في سفر، أو في حضر، وقال بعضهم: في الأعيان السفر. واتفق الشافعي، وأبو حنيفة على أنه سنة للمنفرد، والجماعة، إلا أنه آكد في حق الجماعة. قال أبو عمر: واتفق الكل على أنه سنة مؤكدة، أو فرض على المصري، لما ثبت: أن رسول الله (ص) كان إذا سمع النداء لم يغر وإذا لم يسمعه أغار. والسبب في اختلافهم معارضة المفهوم من ذلك لظواهر الآثار، وذلك أنه ثبت أن رسول الله (ص) قال لمالك بن الحويرث، ولصاحبه: إذا كنتما في سفر، فأذنا، وأقيما، وليؤمكما أكبركما. وكذلك ما روى من اتصال عمله به (ص) في الجماعة. فمن فهم من هذا الوجوب مطلقا، قال: إنه فرض على الأعيان، أو على الجماعة، وهو الذي حكاه ابن المفلس عن داود، ومن فهم منه الدعاء إلى الاجتماع للصلاة، قال: إنه سنة في المساجد، أو فرض في المواضع التي يجتمع إليها الجماعة. فسبب الخلاف: هو تردده بين أن يكون قولا من أقاويل الصلاة المختصة بها، أو يكون المقصود به هو الاجتماع.