فوق هذا السن، أو تحته، فإن مالكا قال: يكلف شراء ذلك السن وقال قوم: بل يعطي السن الذي عنده، وزيادة عشرين درهما، كان السن الذي عنده أحط، أو شاتين، وإن كان أعلى دفع إليه المصدق عشرين درهما، أو شاتين وهذا ثابت في كتاب الصدقة، فلا معنى للمنازعة فيه ولعل مالكا ليبلغه هذا الحديث. وبهذا الحديث قال الشافعي، وأبو ثور. وقال أبو حنيفة: الواجب عليه القيمة، على أصله في اخراج القيم في الزكاة وقال قوم: بل يعطي السن الذي عنده، وما بينهما من القيمة.
وأما المسألة الثالثة: وهي هل تجب في صغار الإبل، وإن وجبت فماذا يكلف؟ فإن قوما قالوا: تجب فيها الزكاة وقوم قالوا: لا تجب. وسبب اختلافهم: هل يتناول اسم الجنس الصغار، أو لا يتناوله؟ والذين قالوا: لا تجب فيها زكاة هو أبو حنيفة، وجماعة من أهل الكوفة وقد احتجوا بحديث سويد بن غفلة أنه قال: أتانا مصدق النبي عليه الصلاة والسلام، فأتيته، فجلست إليه، فسمعته يقول: إن في عهدي أن لا آخذ من راضع لبن، ولا أجمع بين متفرق، ولا نفرق بين مجتمع. قال: وأتاه رجل بناقة كوماء، فأبى أن يأخذها.
والذين أوجبوا الزكاة فيها منهم من قال: يكلف شراء السن الواجبة عليهم، ومنهم من قال:
يأخذ منها، وهو الأقيس. وبنحو هذا الاختلاف اختلفوا في صغار البقر، وسخال الغنم.
الفصل الثالث: في نصاب البقر، وقدر الواجب في ذلك جمهور العلماء على أن في ثلاثين من البقر تبيعا، وفي أربعين مسنة وقالت طائفة في كل عشر من البقر شاة إلى ثلاثين، ففيها تبيع. وقيل إذا بلغت خمسا وعشرين، ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، ففيها بقرتان، إذا جاوزت ذلك، فإذا بلغت مائة وعشرين، ففي كل أربعين بقرة، وهذا عن سعيد بن المسيب. واختلف فقهاء الأمصار فيما بين الأربعين والستين:
فذهب مالك والشافعي وأحمد، والثوري، وجماعة أن لا شئ فيما زاد على الأربعين حتى تبلغ الستين فإذا بلغت ستين، ففيها تبيعان إلى سبعين، ففيها مسنة وتبيع إلى ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين، ففيها ثلاثة أتبعة إلى مائة، ففيها تبيعان ومسنة، ثم هكذا ما زاد، ففي كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة وسبب اختلافهم في النصاب: أن حديث معاذ غير متفق على صحته ولذلك لم يخرجه الشيخان. وسبب اختلاف فقهاء الأمصار في الوقص في البقر أنه جاء في حديث معاذ هذا أنه توقف في الأوقاص، وقال: حتى أسأل فيها النبي عليه الصلاة والسلام، فلما قدم عليه، وجده قد توفي (ص). فلما لم يرد في ذلك نص طلب حكمه من طريق القياس، فمن قاسها على الإبل والغنم لم ير في الأوقاص شيئا، ومن قال: إن الأصل في الأوقاص الزكاة إلا ما استثناه الدليل من ذلك، وجب أن لا يكون عنده في البقر وقص، إذ لا دليل هنالك من إجماع، ولا غيره.