الوجوب قال: المراد به ستر العورة. واحتج لذلك بأن سبب نزول هذه الآية كان أن المرأة كانت تطوف بالبيت عريانة وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه، فلا أحله فنزلت هذه الآية، وأمر رسول الله (ص): ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. ومن حمله على الندب قال: المراد بذلك الزينة الظاهرة من الرداء وغير ذلك من الملابس التي هي زينة، واحتج لذلك بما جاء في الحديث من: أنه كان رجال يصلون مع النبي (ص) عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان، ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا قالوا: ولذلك من لم يجد ما به يستر عورته، لم يختلف في أنه يصلي، واختلف فيمن عدم الطهارة هل يصلي أم لا يصلي؟
وأما المسألة الثانية: وهو حد العورة من الرجل، فذهب مالك والشافعي إلى أن حد العورة منه ما بين السرة إلى الركبة، وكذلك قال أبو حنيفة وقال قوم: العورة هما السوأتان فقط من الرجل. وسبب الخلاف في ذلك: أثران متعارضان، كلاهما ثابت: أحدهما: حديث جرهد أن النبي (ص) قال: الفخذ عورة. والثاني حديث أنس: أن النبي (ص) حسر عن فخذه، وهو جالس مع أصحابه. قال البخاري: وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط وقد قال بعضهم: العورة: الدبر، والفرج، والفخذ.
وأما المسألة الثالثة: وهي حد العورة من المرأة، فأكثر العلماء على أن بدنها كله عورة، ما خلا الوجه، والكفين. وذهب أبو حنيفة إلى أن قدمها ليست بعورة. وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن، وأحمد إلى أن المرأة كلها عورة. وسبب الخلاف في ذلك: احتمال قوله تعالى:
* (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) * هل هذا المستثنى المقصود منه أعضاء محدودة، أم إنما المقصود بما لا يملك ظهوره؟ فمن ذهب إلى أن المقصود من ذلك ما لا يملك ظهوره عند الحركة قال: بدنها كله عورة حتى ظهرها واحتج لذلك بعموم قوله تعالى:
* (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين) * الآية. ومن رأى أن المقصود من ذلك ما جرت به العادة بأنه لا يستر وهو الوجه، والكفان، ذهب إلى أنهما ليسا بعورة، واحتج لذلك بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج.
الفصل الثاني من الباب الرابع: فيما يجزئ في اللباس في الصلاة أما اللباس فالأصل فيه قوله تعالى: * (خذوا زينتكم عند كل مسجد) * والنهي الوارد عن هيئات بعض الملابس في الصلاة، وذلك أنهم اتفقوا فيما أحسب على أن