رآه لموضع الستر لم يجز المسح على الخف المنخرق، لأنه إذا انكشف من القدم شئ انتقل فرضها من المسح إلى الغسل، ومن رأى أن العلة في ذلك المشقة لم يعتبر الخرق ما دام يسمى خفا. وأما التفريق بين الخرق الكثير واليسير، فاستحسان ورفع للحرج. وقال الثوري:
كانت خفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس، فلو كان في ذلك حظر لورد، ونقل عنهم. هذه المسألة هي مسكوت عنها، فلو كان فيها حكم مع عموم الابتلاء به، لبينه (ص) وقد قال تعالى: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) *.
المسألة الخامسة: وأما التوقيت فإن الفقهاء أيضا اختلفوا فيه، فرأى مالك أن ذلك غير مؤقت، وأن لابس الخفين يمسح عليهما ما لم ينزعهما، أو تصيبه جنابة وذهب أبو حنيفة، والشافعي إلى أن ذلك مؤقت. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث: أحدها: حديث علي عن النبي (ص) أنه قال: جعل رسول الله (ص) ثلاثة أيام، ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم أخرجه مسلم. والثاني: حديث أبي بن عمارة: أنه قال: يا رسول الله أأمسح على الخف؟ قال:
نعم. قال وثلاثة؟ قال: نعم، حتى بلغ سبعا، ثم قال: امسح ما بدا لك خرجه أبو داود والطحاوي.
الثالث: حديث صفوان بن عسال قال: كنا في سفر فأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام، ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من بول، أو نوم، أو غائط.: أما حديث علي فصحيح خرجه مسلم. وأما حديث أبي بن عمارة، فقال فيه أبو عمر ابن عبد البر: إنه حديث لا يثبت، وليس له إسناد قائم، ولذلك ليس ينبغي أن يعارض به حديث علي. وأما حديث صفوان بن عسال، فهو وإن كان لم يخرجه البخاري، ولا مسلم، فإنه قد صححه قوم من أهل العلم بالحديث: الترمذي، وأبو محمد بن حزم، وهو بظاهره معارض بدليل الخطاب لحديث أبي كحديث علي، وقد يحتمل أن يجمع بينهما بأن يقال: إن حديث صفوان، وحديث علي خرجا مخرج السؤال عن التوقيت، وحديث أبي بن عمارة نص في ترك التوقيت، لكن حديث أبي لم يثبت بعد، فعلى هذا يجب العمل بحديثي علي وصفوان، وهو الأظهر، إلا أن دليل الخطاب فيهما يعارضه القياس، وهو كون التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة، لان النواقض هي الاحداث.
المسألة السادسة: وأما شرط المسح على الخفين، فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء، وذلك شئ مجمع عليه إلا خلافا شاذا. وقد روي عن ابن القاسم عن مالك، ذكره ابن لبابة في المنتخب، وإنما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة، وغيره إذا