حتى تروني فإن صح هذا وجب العمل به، وإلا فالمسألة باقية على أصلها المعفو عنه:
أعني أنه ليس فيها شرع، وأنه متى قام كل فحسن.
المسألة الخامسة: ذهب مالك وكثير من العلماء إلى أن الداخل وراء الامام إذا خاف فوات الركعة بأن يرفع الامام رأسه منها إن تمادى حتى يصل إلى الصف الأول أن له أن يركع دون الصف الأول، ثم يدب راكعا. وكره ذلك الشافعي وفرق أبو حنيفة بين الجماعة والواحد فكرهه للواحد، وأجازه للجماعة وما ذهب إليه مالك مروي عن زيد بن ثابت وابن مسعود. وسبب اختلافهم: اختلافهم في تصحيح حديث أبي بكرة، وهو: أنه دخل هم ركوع، فركع ثم سعى إلى الصف، فلما انصر ف رسول الله (ص) قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: أنا قال: زادك الله حرصا، ولا تعد.
الفصل الرابع: في معرفة ما يجب على المأموم أن يتبع فيه الامام وأجمع العلماء على أنه يجب على المأموم أن يتبع الامام في جميع أقواله وأفعاله إلا في قوله سمع الله لمن حمده، وفي جلوسه إذا صلى جالسا لمرض عند من أجاز إمامة الجالس. وأما اختلافهم في قوله سمع الله لمن حمده، فإن طائفة ذهبت إلى أن الامام يقول إذا رفع رأسه من الركوع سمع الله لمن حمده فقط، ويقول المأموم: ربنا ولك الحمد فقط، وممن قال بهذا القول مالك، وأبو حنيفة، وغيرهما وذهبت طائفة أخرى إلى أن الامام، والمأموم يقولان جميعا سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، وأن المأموم يتبع فيهما معا الامام كسائر التكبير سواء وقد روي عن أبي حنيفة أن المنفرد، والامام يقول إنهما جميعا، ولا خلاف في المنفرد: أعني أنه يقولهما جميعا. وسبب الاختلاف في ذلك:
حديثان متعارضان: أحدهما: حديث أنس أن النبي (ص) قال: إنما جعل الامام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع، فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد والحديث الثاني: حديث ابن عمر: أنه (ص) كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. فمن رجح مفهوم حديث أنس قال: لا يقول المأموم سمع الله لمن حمده ، ولا الامام ربنا ولك الحمد، وهو من باب دليل الخطاب، لأنه جعل حكم المسكوت عنه خلاف حكم المنطوق به. ومن رجح حديث ابن عمر قال: يقول الامام ربنا ولك الحمد، ويجب على المأموم أن يتبع الامام في قوله سمع الله لمن حمده لعموم قوله : إنما جعل الامام ليؤتم به ومن جمع بين الحديثين فرق في ذلك بين الإمام والمأموم . والحق في ذلك أن حديث أنس يقتضي بدليل الخطاب أن الامام لا يقول ربنا ولك الحمد، وأن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده وحديث ابن عمر يقتضي نصا أن