اختلافهم في ذلك: اختلافهم في قبول الزيادة الواردة في الحديث الواحد إذا أتت من طريق واحد ولم يرها الأكثر، وذلك أن أكثر الأحاديث التي روي فيها أنه توضأ ثلاثا ثلاثا من حديث عثمان وغيره لم ينقل فيها ألا أنه مسح واحدة وفي بعض الروايات عن عثمان في صفة وضوئه أنه عليه الصلاة والسلام مسح برأسه ثلاثا وعضد الشافعي وجوب قبول هذه الزيادة بظاهر عموم ما روي أنه عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وذلك أن المفهوم من عموم هذا اللفظ - وإن كان من لفظ الصحابي - هو حمله على سائر أعضاء الوضوء، إلا أن هذه الزيادة ليست في الصحيحين، فإن صحت يجب المصير إليها، لان من سكت عن شئ ليس هو بحجة على من ذكره.
وأكثر العلماء أوجب تجديد الماء لمسح الرأس قياسا على سائر الأعضاء. وروي عن ابن الماجشون أنه قال: إذا نفد الماء، مسح رأسه ببلل لحيته، وهو اختيار ابن حبيب، ومالك، والشافعي.
ويستحب في صفة المسح أن يبدأ بمقدم الرأس، فيمر يديه إلى قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ على ما في حديث عبد الله بن زيد الثابت. وبعض العلماء يختار أن يبدأ من مؤخر الرأس، وذلك أيضا مروي من صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام من حديث الربيع بنت معوذ إلا أنه لم يثبت في الصحيحين.
المسألة الثامنة من تعيين المحال: اختلف العلماء في المسح علة العمامة فأجاز ذلك أحمد بن حنبل وأبو ثور والقاسم بن سلام وجماعة ومنع من ذلك جماعة منهم مالك، والشافعي، وأبو حنيفة. وسبب اختلافهم في ذلك: اختلافهم في وجوب العمل بالأثر الوارد في ذلك من حديث المغيرة، وغيره: أنه عليه الصلاة والسلام مسح بناصيته، وعلى العمامة وقياسا على الخف، ولذلك اشترط أكثرهم لبسها على طهارة. وهذا الحديث إنما رده من رده إما لأنه لم يصح عنده، وإما لان ظاهر الكتاب عارضه عنده، أعني الامر فيه بمسح الرأس، وإما لأنه لم يشتهر العمل به عند من يشترط اشتهار العمل فيما نقل من طريق الآحاد، وبخاصة في المدينة على المعلوم من مذهب مالك أنه يرى اشتهار العمل، وهو حديث خرجه مسلم وقال فيه أبو عمر بن عبد البر إنه حديث معلول، وفي بعض طرقه أنه مسح على العمامة، ولم يذكر الناصية، ولذلك لم يشترط بعض العلماء في المسح على العمامة المسح على الناصية، إذ لا يجتمع الأصل والبدل في فعل واحد.
المسألة التاسعة من الأركان: اختلفوا في مسح الاذنين هل هو سنة أو فريضة، وهل يجدد لهما الماء أم لا؟ فذهب بعض الناس إلى أنه فريضة، وأنه يجدد لهما الماء، وممن قال بهذا القول جماعة من أصحاب مالك، ويتأولون مع هذا أنه مذهب مالك لقوله فيهما إنهما