صلى في كسوف القمر مع كثرة دورانه، قال: المفهوم من ذلك ك أقل ما ينطلق عليه اسم صلاة في الشرع، وهي النافلة فذا، وكأن قائل هذا القول، يرى أن الأصل هو أن يحمل اسم الصلاة في الشرع، إذا ورد الامر بها على أقل ما ينطلق عليه هذا الاسم في الشرع، إلا أن يدل الدليل على غير ذلك، فلما دل فعله عليه الصلاة والسلام في كسوف الشمس على غير ذلك، بقي المفهوم في كسوف القمر على أصله، والشافعي يحمل فعله في كسوف الشمس بيانا لمجمل ما أمر به من الصلاة فيهما، فوجب الوقوف عند ذلك. وزعم أبو عمر بن عبد البر أنه روي عن ابن عباس، وعثمان أنهما صليا في القمر في جماعة ركعتين، في كل ركعة ركوعان مثل قول الشافعي. وقد استحب قوم الصلاة للزلزلة، والريح، والظلمة، وغير ذلك من الآيات قياسا على كسوف القمر، والشمس لنصه عليه الصلاة والسلام على العلة في ذلك، وهو كونها آية، وهو من أقوى أجناس القياس عندهم، لأنه قياس العلة التي نص عليها لكن لم ير هذا مالك، ولا الشافعي، ولا جماعة من أهل العلم. وقال أبو حنيفة: إن صلى للزلزلة، فقد أحسن، وإلا فلا حرج، وروي عن ابن عباس أنه صلى لها مثل صلاة الكسوف.
الباب السابع: في صلاة الاستسقاء أجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المصر، والدعاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله (ص)، واختلفوا في الصلاة في الاستسقاء، فالجمهور على أن ذلك من سنة الخروج إلى الاستسقاء إلا أبا حنيفة، فإنه قال: ليس من سنة الصلاة. وسبب الخلاف: أنه ورد في بعض الآثار أنه استسقى، وصلى، وفي بعضها لم يذكر فيها صلاة، ومن أشهر ما ورد في أنه صلى، وبه أخذ الجمهور حديث عباد بن تميم عن عمه: أن رسول الله (ص) خرج بالناس يستسقي، فصلى بهم ركعتين، جهر فيهما بالقراءة، ورفع يديه حذو منكبيه، وحول رداءه، واستقبل القبلة، واستسقى خرجه البخاري ومسلم. وأما الأحاديث التي ذكر فيها الاستسقاء، وليس فيها ذكر للصلاة، فمنها حديث أنس بن مالك خرجه مسلم أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله (ص)، فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل فادع الله، فدعا رسول الله (ص)، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة ومنها حديث عبد الله بن زيد المازني وفيه أنه قال: خرج رسول الله (ص)، فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة ولم يذكر فيه صلاة، وزعم القائلون بظاهر هذا الأثر أن ذلك مروي عن عمر بن الخطاب، أعني أنه خرج إلى المصلى، فاستسقى، ولم يصل. والحجة للجمهور أنه من لم يذكر شيئا، فليس هو بحجة على من ذكره. والذي يدل عليه اختلاف الآثار في ذلك ليس عندي فيه شئ أكثر من أن الصلاة ليست من شرط صحة الاستسقاء، إذ قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قد